أوصى إنسان أن يوقف من كتبه ما هو من كتب العلم فأفتى السلف أنه يباع ما فيه من كتب الكلام ذكر ذلك بمعناه في الفتاوى الظهيرية (١) وهو كلام مستحسن عند أرباب العقول إذ كيف يرام الوصول إلى علم الأصول بغير اتّباع ما جاء به الرسول ولله درّ القائل في هذا القول :
أيها المغتدي لتطلب علما |
|
كل علم عبد لعلم الرسول |
تطلب العلم كي تصحّح أصلا |
|
كيف أغفلت علم أصل الأصول (٢) |
وقد قال شيخ مشايخنا الجلال السيوطي (٣) : إنه يحرم علوم الفلسفة كالمنطق لإجماع السلف ، وأكثر المفسرين المعتبرين من الخلف ، وممّن صرّح ذلك ابن الصلاح (٤) والنووي (٥) وخلق لا يحصون ، وقد جمعت في تحريمه كتابا نقلت فيه نصوص الأئمة في الحطّ عليه.
وذكر الحافظ سراج الدين القزويني (٦) من الحنفية في كتاب ألّفه في تحريمه أن الغزالي (٧) رجع إلى تحريمه بعد ثنائه عليه في أول المنتقى وجزم السلفي من أصحابنا وابن (٨) رشد من المالكية بأن المشتغل به لا تقبل روايته. انتهى.
__________________
(١) هي لظهير الدين أبي بكر محمد بن أحمد بن عمر البخاري الفقيه الأصولي القاضي ، تولى الحسبة ببخارى ، وتوفي سنة ٦١٩ ه. الفوائد البهية ص ١٥٦ ـ ١٥٧.
(٢) الكلام من عند ذكر أصحابنا إلى «كيف أغفلت علم أصل الأصول» مأخوذ من شرح العقيدة الطحاوية ١ / ١٨ لابن أبي العز فلينظر.
(٣) هو الإمام المجدّ الحافظ المجتهد عبد الرحمن في الكمال في أبي بكر بن محمد بن سابق الأسيوطي المصري الشافعي الملقب بجلال الدين المولود عام ٨٤٩ ه والمتوفى عام ٩١١ ه صاحب التصانيف الكثيرة القيّمة ، أشهر كتبه «الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور» وغيرها كثير.
(٤) هو الإمام الحافظ المفتي شيخ الإسلام تقي الدين أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري الشافعي ، ولد سنة ٧٥٧ وتوفي ٢٥ ربيع الآخر سنة ٦٤٣ ، وترجمة الحافظ الذهبي في تذكرة الحفّاظ ٤ : ٢١٤ ـ ٢١٥.
(٥) هو الإمام المحدّث الفقيه أبي زكريا يحيى بن شرف النووي الدمشقي المولود سنة ٦٣١ صاحب التصانيف القيّمة العظيمة أشهر آثاره «المجموع شرح المهذب ـ وروضة الطالبين ـ وشرح صحيح مسلم» وغيرها من التصانيف الكثيرة القيّمة ، توفي رحمهالله في نوى سنة ٦٧٦ ه.
(٦) هو عمر بن عبد الرحمن الفارسي ، سراج الدين أبو حفص القزويني المتوفى سنة ٧٤٥ ه ، من تصانيفه : «الكشف عن الكشاف للزمخشري» و «نصيحة المسلم المشفق لمن ابتلي ببحث المنطق».
(٧) هو الشيخ أبو حامد محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الشافعي الغزالي صاحب التصانيف الكثيرة في الفقه والفلسفة والرقائق المتوفى سنة ٥٠٥ ه. ترجم في السّير ١٩ / رقم الترجمة ٢٠٤. وفي كتبه مؤاخذات نبّه عليها أهل العلم. وذكر معظمها الإمام الذهبي في ترجمته فلتراجع.
(٨) هو محمد بن أحمد بن محمد بن رشد الأندلسي ، أبو الوليد الفيلسوف ، المتوفى سنة ٥٩٥ ، عني ـ