الاستثناء في «الايمان» وهو قول المؤمن : أنا مؤمن إن شاء الله تعالى. على تفصيل في ذلك بينه ، والحنفية يمنعون منه مطلقا ، بل إن طائفة منهم ذهبوا إلى تكفير من قال ذلك ، ولم يقيدوه بأن يكون شاكا في إيمانه ، ومنهم الاتقاني في «غاية البيان» ، وصرح في «روضة العلماء» (من كتبهم) بأن قوله «إن شاء الله» يرفع إيمانه ، فلا يجوز الاقتداء به (يعني في الصلاة). وفي «الخلاصة» و «البزازية» في كتاب النكاح ، عن الإمام أبي بكر محمد بن الفضل : من قال : أنا مؤمن إن شاء الله فهو كافر لا تجوز المناكحة معه. قال الشيخ أبو حفص في «فوائده» : لا ينبغي للحنفي أن يزوج بنته من رجل شفعوي المذهب. وهكذا قال بعض مشايخنا ، ولكن يتزوج بنتهم. زاد في «البزازية» تنزيلا لهم منزلة أهل الكتاب. كذا في «البحر الرائق» (٢ / ٥١) (١).
المسألة السابعة : ذهب شارح الطحاوية (ص ٢٣٦ ـ ٢٣٩) تبعا لإمامه أبي حنيفة وصاحبيه إلى كراهة التوسل بحق الأنبياء وجاههم.
وهذا مما خالف فيه الكوثري إمامه أبا حنيفة رحمهالله تعالى ، اتباعا لأهواء العامة ، ونكاية بأهل السنة. كما يعلم ذلك من اطلع على رسالة «محق التوسل» وغيرها. وقد كنت بينت شيئا من تعصبه واتباعه لهواه في محاولة تقويته اسناد حديث
__________________
(١) قلت : ومن عجائب ما في هذا الكتاب (٨ / ٢٠٧) حديث عبد الله بن عمر عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : من كان على السنة والجماعة استجاب الله دعاءه ، وكتب له بكل خطوة يخطوها عشر حسنات ، ورفع له عشر درجات ، فقيل له : يا رسول الله متى يعلم الرجل أنه من أهل السنة والجماعة؟ فقال : إذا وجد في نفسه عشرة أشياء ، فهو على السنة والجماعة (قلت : فذكرها وفيها) «ولا يشك في إيمانه ...».
قلت : وهذا حديث لا أصل له في شيء من كتب السنة ، بل هو باطل ، لوائح الوضع عليه ظاهرة ومن أجل مثل هذا الحديث اتهم القرطبي فقهاء أهل الرأي بأنهم كانوا ينسبون الحكم الذي دل عليه القياس الجلي عندهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم نسبة قولية ، ولهذا ترى كتبهم مشحونة بأحاديث تشهد متونها بأنها موضوعة لأنها تشبه فتاوي الفقهاء ، ولأنهم لا يقيمون لها سندا. نقله الحافظ السخاوي في «شرح ألفية العراقي» (ص ١١١) وغيره.