رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد جلده في الشراب ، فأتى به يوما ، فأمر به فجلد ، فقال رجل من القوم : اللهم العنه! ما أكثر ما يؤتى به! فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تلعنه ، [فو الله ما علمت] ، إنه يحب الله ورسوله» (٣٦٦) وهذا أمر متيقن به في طوائف كثيرة وأئمة في العلم والدين ، وفيهم بعض مقالات الجهمية أو المرجئة أو القدرية أو الشيعة أو الخوارج. ولكن الأئمة في العلم والدين لا يكونون قائمين بجملة تلك البدعة ، بل بفرع منها. ولهذا انتحل أهل هذه الأهواء لطوائف (٣٦٧) من السلف المشاهير. فمن عيوب أهل البدع تكفير بعضهم بعضا ، ومن ممادح أهل العلم أنهم يخطّئون ولا يكفّرون.
ولكن بقي هنا إشكال يرد على كلام الشيخ رحمهالله ، وهو : أن الشارع قد سمّى بعض الذنوب كفرا ، قال الله : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) المائدة : ٤٤. وقال صلىاللهعليهوسلم : «سباب المسلم (٣٦٨) فسوق ، وقتاله كفر» (٣٦٩). متفق عليه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. وقال صلىاللهعليهوسلم : «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» (٣٧٠). و : «إذا قال الرجل لأخيه : يا كافر ـ فقد باء بها أحدهما» (٣٧١). متفق عليهما من حديث ابن عمر رضي الله عنه. وقال صلىاللهعليهوسلم : «أربع من كنّ فيه كان منافقا خالصا ، ومن كانت فيه [خصلة منهن كان فيه] خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا حدّث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر» (٣٧٢). متفق عليه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه. وقال صلىاللهعليهوسلم : «لا يزني الزاني حين يزني وهو
__________________
(٣٦٦) وهو في «الحدود» من «البخاري».
(٣٦٧) في الاصل : الطوائف.
(٣٦٨) في الاصل : المؤمن.
(٣٦٩) وهو في «الايمان» من «الصحيحين». وانظر «صحيح الجامع الصغير» (٣٥٨٩ و ٣٥٩٦).
(٣٧٠) اخرجه الشيخان ، وهو مخرج في «غاية المرام» (٤٤٣).
(٣٧١) اخرجه الشيخان.
(٣٧٢) اخرجه الشيخان.