له وما يمتنع عليه ، وأنصحهم لأمته ، وأفصحهم وأقدرهم على البيان. فانك ان نفيت شيئا من ذلك كنت كافرا بما أنزل [على] محمد صلىاللهعليهوسلم ، واذا وصفته بما وصف به نفسه فلا تشبهه بخلقه ، فليس كمثله شيء ، فاذا شبهته بخلقه كنت كافرا به. قال نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري : من شبه الله [بخلقه] فقد كفر ، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر ، وليس ما وصف الله به نفسه ولا ما وصفه به رسوله تشبيها. وسيأتي في كلام الشيخ الطحاوي رحمهالله «ومن لم يتوقّ النفي والتشبيه زل ولم يصب التنزيه».
وقد وصف الله تعالى نفسه بأن له المثل الاعلى ، فقال تعالى : (لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى) النحل : ٦٠ ، وقال تعالى : (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) الروم : ٢٧. فجعل سبحانه مثل السّوء ـ المتضمن للعيوب والنقائص وسلب الكمال ـ لاعدائه المشركين وأوثانهم ، وأخبر أن المثل الاعلى ـ المتضمن لاثبات الكمال كله ـ لله وحده. فمن سلب صفة الكمال عن الله تعالى فقد جعل له مثل السّوء ، ونفى عنه ما وصف به نفسه من المثل الاعلى ، [و] ، هو الكمال المطلق ، المتضمن للامور الوجودية ، والمعاني الثبوتية ، التي كلما كانت أكثر في الموصوف وأكمل ـ كان بها أكمل وأعلى من غيره.
ولما كانت صفات الرب [سبحانه] وتعالى أكثر وأكمل ، كان له المثل الاعلى ، وكان أحقّ به من كل ما سواه. بل يستحيل أن يشترك في المثل الاعلى المطلق اثنان ، لانهما أن تكافئا من كل وجه ، لم يكن أحدهما أعلى من الآخر ، وان لم يتكافئا ، فالموصوف به أحدهما وحده ، فيستحيل أن يكون لمن له المثل الاعلى مثل أو نظير.
واختلفت عبارات المفسرين في المثل الاعلى. ووفق بين أقوالهم من وفقه الله وهداه ، فقال : المثل الاعلى يتضمن : الصفة العليا ، وعلم العالمين بها ، ووجودها العلمي ، والخبر عنها وذكرها ، وعبادة الرب تعالى بواسطة العلم والمعرفة القائمة بقلوب عابديه وذاكريه.
فهاهنا أمور أربعة :