من أولياء الله بعدهم فإنما دخل من طريقهم وبدعوتهم. ومنها : أنه سبحانه اتخذ منهم الخليلين ، كما تقدم ذكره. ومنها : أنه جعل صاحب هذا البيت إماما للناس. قال تعالى : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ، قالَ : وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ، قالَ : لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) البقرة : ١٢٤. ومنها : أنه أجرى على يديه بناء بيته الذي جعله قياما للناس ومثابة للناس وأمنا ، وجعله قبلة لهم وحجا ، فكان ظهور هذا البيت في الأكرمين. ومنها : أنه أمر عباده أن يصلّوا على أهل البيت. الى غير ذلك من الخصائص.
قوله : (ونؤمن بالملائكة والنبيين ، والكتب المنزلة على المرسلين ، ونشهد أنهم كانوا على الحق المبين).
ش : هذه الأمور من أركان الإيمان. قال تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ، كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) البقرة : ٢٨٥ ـ الآيات. وقال تعالى : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ) البقرة : ١٧٧ ـ الآية. فجعل الله سبحانه وتعالى الإيمان هو الإيمان بهذه الجملة ، وسمى من آمن بهذه الجملة مؤمنين ، كما جعل الكافرين من كفر بهذه الجملة ، بقوله : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) النساء : ١٣٦. وقال صلىاللهعليهوسلم ، في الحديث المتفق على صحته ، حديث جبرائيل وسؤاله للنبي صلىاللهعليهوسلم عن الإيمان ، فقال : «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره» (٣٤٠). فهذه الأصول التي اتفقت عليها الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم وسلامه ، ولم يؤمن بها حقيقة الإيمان إلا أتباع الرسل.
وأما أعداؤهم ومن سلك سبيلهم من الفلاسفة وأهل البدع ، فهم متفاوتون في جحدها وإنكارها ، وأعظم الناس لها إنكارا الفلاسفة المسمّون عند من يعظمهم بالحكماء ، فإن من علم حقيقة قولهم علم أنهم لم يؤمنوا بالله ولا رسله ولا كتبه ولا ملائكته ولا باليوم الآخر ، فإن مذهبهم أن الله سبحانه موجود لا ماهية له ولا
__________________
(٣٤٠) متفق عليه من حديث ابي هريرة رضي الله عنه.