بينه وبين القدرة من التضاد ، ولان العاجز لا يصلح أن يكون إلها ، تعالى الله عن ذكر ذلك علوّا كبيرا.
قوله : (ولا إله غيره).
ش : هذه كلمة التوحيد التي دعت إليها الرسل كلهم ، كما تقدم ذكره. واثبات التوحيد بهذه الكلمة باعتبار النفي والاثبات المقتضي للحصر ، فان الاثبات المجرد قد يتطرق إليه الاحتمال. ولهذا ـ والله أعلم ـ لما قال تعالى : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) البقرة : ١٦٣ ، قال بعده : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) البقرة : ١٦٣. فانه قد يخطر ببال أحد خاطر شيطاني : هب أن الهنا واحد ، فلغيرنا إله غيره ، فقال تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ [الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ]).
وقد اعترض صاحب «المنتخب» على النحويين في تقدير الخبر في «لا إله الا هو» (٤٤١) ـ فقالوا : تقديره : لا إله في الوجود الا الله ، فقال : يكون ذلك نفيا لوجود
__________________
(٤٤١) كتب سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ، جزاه الله كل خير ـ على هذا الموضع ، بالتعليق التالي :
ما قاله صاحب المنتخب ليس بجيد وهكذا ما قاله النحاة وأيده الشيخ أبو عبد الله المرسي من تقدير الخبر بكلمة (في الوجود) ليس بصحيح ، لأن الآلهة المعبودة من دون الله كثيرة وموجودة وتقدير الخبر بلفظ «في الوجود لا يحصل به المقصود من بيان احقية ألوهية الله سبحانه وبطلان ما سواها» لأن لقائل أن يقول : كيف تقولون «لا إله في الوجود الا الله»؟ وقد اخبر الله سبحانه عن وجود آلهة كثيرة للمشركين ، كما في قوله سبحانه : (وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) وقوله سبحانه : (فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً) الآية.
فلا سبيل الى التخلص من هذا الاعتراض وبيان عظمة هذه الكلمة وانها كلمة التوحيد المبطلة لآلهة المشركين وعبادتهم من دون الله ، الا بتقدير الخبر بغير ما ذكره النحاة ، وهو كلمة (حق) لأنها هي التي توضح بطلان جميع الآلهة وتبين أن الا له الحق والمعبود بالحق هو الله وحده كما نبه على