وَمَنْ بَلَغَ) الانعام : ١٩. أي : وأنذر من بلغه. وقال تعالى : (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) النساء : ٧٩ وقال تعالى : (أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) يونس : ٢ ، الآية. وقال تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) الفرقان : ١. وقد قال تعالى : (وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ) آل عمران : ٢٠. وقال صلىاللهعليهوسلم : «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الارض مسجدا وطهورا ، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ، وأحلت لي الغنائم ، ولم تحلّ لأحد قبلي ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث الى قومه خاصة وبعثت الى الناس عامة» (١٣٩) ، أخرجاه في الصحيحين. وقال صلىاللهعليهوسلم : «لا يسمع بي رجل من هذه الامة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي الا دخل النار» (١٤٠) ، رواه مسلم. وكونه صلىاللهعليهوسلم مبعوثا الى الناس كافة معلوم من دين الاسلام بالضرورة.
وأما قول بعض النصارى إنه رسول الى العرب خاصة ـ : فظاهر البطلان ، فإنهم لما صدقوا بالرسالة لزمهم تصديقه في كل ما يخبر به. وقد قال إنه رسول الله الى الناس عامة ، والرسول لا يكذب ، فلزم تصديقه حتما ، فقد أرسل رسله وبعث كتبه في أقطار الارض الى كسرى وقيصر والنجاشي والمقوقس وسائر ملوك الاطراف ، يدعو الى الاسلام.
وقوله : وكافة الورى في جر كافة نظر ، فإنهم قالوا : لم تستعمل «كافة» في كلام العرب الا حالا ، واختلفوا في اعرابها في قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ) سبأ : ٢٨ ، على ثلاثة أقوال : أحدها : أنها حال من الكاف في
__________________
(١٣٩) صحيح ، وهو من حديث جابر ، وقد خرجته في «ارواء الغليل» (٢٨٥).
(١٤٠) صحيح ، وهو من حديث أبي هريرة ، وهو في مسلم (١ / ٩٣) ، ولكنه مغاير في بعض الاحرف لسياق الكتاب. وقد رواه ابن منده في «التوحيد» (ق ٤٤ / ١) ولفظه اقرب ، وقد خرجته في «الصحيحة» (١٥٧).