لسبب لا يخفى على القارئ اللبيب ، آثر أن يظل بينهم كأى إنسان آخر ليس له هدف إلا .. على حد قول الشاعر :
ودارهم ما دمت في دارهم |
|
وأرضهم ما دمت في أرضهم! |
ولا يستغربن هذا أحد ممن يحسنون الظن بأبي غدة ، ولم يعرفوا حتى الآن عقيدته ، فإن لدي البرهان القاطع على ما نسبت إليه من المداراة ولم أقل : المداهنة!
لقد قال في مطلع تقريره الجائر ما نصه :
«يرى الناظر في شرح الطحاوية أن الشارح لها من أهل التوثق والضبط والاتقان فيما ينقله من الأحاديث الشريفة وغيرها .. بعبارة واضحة ، لا لبس فيها ولا غموض ، وبإمامة ملموسة مشهورة».
قلت : فإذا كان أبو غدة مؤمنا حقا بهذه الإمامة الملموسة المشهورة فأنا أختار له من كلام هذا الامام سبع مسائل ، فإن أجاب عنها بما يوافق ما ذهب إليه هذا الامام المشهور من قلب مخلص فذلك ما نرجوه ، وأعتذر إليه من إساءة الظن به ، وإن كانت الأخرى فذلك مما يؤيد ـ مع الأسف ـ ما رميته به من المداراة.
المسألة الأولى : قال الإمام (ص ١٢٥) :
«وأهل الكلام المذموم يطلقون نفي حلول الحوادث».
قلت : وهذا الاطلاق هو مما يدندن به شيخه الكوثري في تعليقاته ، ليتوصل ، الى نفي حقيقة الكلام الإلهي المسموع. وراجع له «شرح الطحاوية» (ص ١٦٨ ـ ١٨٨) و «التنكيل» (٢ / ٣٦٠ ـ ٣٦٢).
المسألة الثانية : قال الامام تبعا لأبي جعفر الطحاوي (ص ١٦٨) :
وأن القرآن كلام الله منه بدا بلا كيفية قولا ، وأنزله على رسوله وحيا ، وصدقه المؤمنون على ذلك حقا ، وأيقنوا أن كلام الله تعالى بالحقيقة ، ليس بمخلوق كلام البشرية».
ثم شرح «الامام» مذاهب الناس في مسألة الكلام الإلهي على تسعة مذاهب