وإذا أراد الله نشر فضيلة |
|
طويت أتاح لها لسان حسود |
لقد أراد هذا المتعصب أن يظهرنا أمام الناس بمظهر الطاعنين في «صحيح البخاري» وكذا «مسلم» ، فإذا بالحقائق تشهد أنه هو الطاعن ، مصداقا للمثل السائر : «من حفر بئرا لأخيه وقع فيه» (١) ، والمثل الآخر «من كان بيته من زجاج فلا يرم الناس بالحجارة»!
ان مبلغ تعصب هذا الحنفي ، تبعا لشيوخه الأحناف على أهل الحديث عامة ، والبخاري ومسلم خاصة ، لا يعلمه إلا من تتبع مؤلفاتهم ، أو تعليقاتهم على غيرها وقد سبق ذكر بعض النماذج منها ، ومن الأدلة الجديدة التي وقفت عليها ، تلك المقدمة التي مضت الإشارة إليها والتي قام هذا المتعصب الجائر على طبعها حديثا والتعليق عليها ، فقد ذكر مؤلفها في مطلعها (ص ٢٠).
«أنه جعلها أساسا لكلامه في كتابه «إعلاء السنن» في تصحيح الأحاديث وتحسينها ، مبينة لقواعد خالف فيها علماءنا الحنفية جماعة المحدثين ، (كذابا بالضبط وليس العكس!) ولكل وجهة هو موليها في باب التصحيح والتحسين والتضعيف ، فرب ضعيف عند المحدثين صحيح عند غيرهم ، وكذا العكس»!!
ثم ذكر مخالفة ابن حبان جمهور المحدثين في قبوله رواية المجهول والاحتجاج بها ، والتي ردها الحافظ ابن حجر وغيره من المحدثين ، على ما هو مفصل في محله من «علم المصطلح» ، ذكر ذلك ليتخذها ذريعة لتبرير مخالفة الحنفية أيضا إياهم في كثير من قواعدهم متسائلا بقوله (ص ٢) :
«فما ذا على الحنفية لو خالفوا كذلك بعض الأصول!». ثم يتدرج من ذلك إلى القول (ص ٢٠) :
«قلت : ولا يخفى أن ظن المجتهد لا يكون حجة على مجتهد آخر».
يشير بذلك إلى أن الحنفية مجتهدون في مخالفتهم لأئمة الحديث في أصولهم ، فمهما خالفوهم في شيء من قواعدهم ، فلا لوم عليهم في ذلك. وبناء على ما سبق ،
__________________
(١) ويروى مرفوعا للنبي صلىاللهعليهوسلم ، ولا يعرف له اصل كما في «المقاصد الحسنة» للحافظ السخاوي.