هذا ، فقال : لقد حدثني وهو جميع ، منذ عشرين سنة ، فما أدري ، أنسي أم كره أن تتّكلوا؟ فقلنا : يا أبا سعيد ، فحدثنا ، فضحك وقال : خلق الإنسان عجولا! ما ذكرته إلا وأنا أريد أن أحدثكم ، حدثني كما حدثكم [به] ، قال : ثم اعود الرابعة ، فأحمده بتلك المحامد ، ثم أخرّ له ساجدا ، فيقال : يا محمد ، ارفع رأسك ، وقل يسمع ، وسل تعطه ، واشفع تشفع ، فأقول : يا رب ، ائذن لي فيمن قال : لا إله الا الله ، فيقول : وعزتي وجلالي ، وكبريائي وعظمتي ، لأخرجن منها من قال : لا إله الا الله» (٢٠٧). وهكذا رواه مسلم. وروى الحافظ أبو يعلى عن عثمان رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يشفع يوم القيامة ثلاثة : الأنبياء ، ثم العلماء ، ثم الشهداء» (٢٠٨). وفي «الصحيح» من حديث أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعا ، قال : «فيقول الله تعالى : شفعت الملائكة ، وشفع النبيون ، وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين ، فيقبض قبضة من النار ، فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط» (٢٠٩) ، الحديث.
ثم إن الناس في الشفاعة على ثلاثة أقوال : فالمشركون والنصارى والمبتدعون من الغلاة في المشايخ وغيرهم : يجعلون شفاعة من يعظّمونه عند الله كالشفاعة المعروفة في الدنيا. والمعتزلة والخوارج أنكروا شفاعة نبينا صلىاللهعليهوسلم وغيره في أهل الكبائر. وأما أهل السنة والجماعة ، فيقرون بشفاعة نبينا صلىاللهعليهوسلم في أهل الكبائر ، وشفاعة غيره ، لكن لا يشفع أحد حتى يأذن الله له ويحد له حدّا ، كما في الحديث الصحيح ، حديث الشفاعة : «إنهم يأتون آدم ، ثم نوحا ، ثم ابراهيم ، ثم موسى ، ثم عيسى ، فيقول لهم عيسى عليهالسلام : اذهبوا الى محمد ، فإنه عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فيأتوني ، فأذهب ، فإذا رأيت ربي حررت له ساجدا ، فأحمد ربي بمحامد يفتحها علي ، لا أحسنها الآن ، فيقول : أي محمد ،
__________________
(٢٠٧) صحيح ، كما ذكر المؤلف رحمهالله من حديث انس.
(٢٠٨) موضوع ، رواه ابن ماجه (٤٣١٣) والعقيلي في «الضعفاء» (ص ٣٣١) في ترجمة عنبسة بن عبد الرحمن القرشي وقال «لا يتابع عليه» وروي عن البخاري انه قال : تركوه. وقال أبو حاتم : كان يضع الحديث ، وهو مخرج في «سلسلة الأحاديث الضعفة» (١٩٧٨).
(٢٠٩) صحيح. أخرجه مسلم (١ / ١١٥ ـ ١١٦) وأحمد (٣ / ٩٤).