قد حصلت على هاتين الخاصيتين : التظاهر بالدفاع عن التوحيد والإصلاح في المجتمع ، والثاني طرحها في أجواء بعيدة عن العلم والمعرفة ، ممّا ساعدها على إغفال واستقطاب الكثيرين.
يقول جميل صدقي الزهاوي : لما رأى ابن عبد الوهاب أنّ قاطبة بلاد نجد بعيدون عن عالم الحضارة ، لم يزالوا على البساطة والسذاجة في الفطرة ، وقد ساد عليهم الجهل حتّى لم تبق للعلوم العقلية عندهم مكانة ولا رواج ، وجد هنالك من قلوبهم ما هو صالح لأن تزرع فيه بذور الفساد ممّا كانت نفسه تنزع إليه وتمنّيه به من قديم الزمان ، وهو الحصول على رئاسة عظيمة ينالها باسم الدين ـ إلى أن قال : ـ فلم يجد للحصول على أُمنيته طريقاً بين أُولئك ، إلّا أن يدّعي أنّه مجدِّد في الدين ، مجتهد في أحكامه. (١)
بل انّ شعارات الحركة انطلت على بعض الشخصيات أيضاً ، فقد انخدع بها السيد محمد بن إسماعيل الأمير (١٠٩٩ ـ ١١٨٦ ه ـ) مؤلف كتاب «سُبُل السلام في شرح بلوغ المرام» فإنّه لمّا بلغه ـ في اليمن ـ من أحوال الشيخ النجدي ودعوته إلى التوحيد ، تفاعل مع الحدث ، فأنشأ قصيدته المشهورة والتي كان مطلعها :
سلام على نجد ومن حلّ في نجد |
|
وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي |
ثمّ حقّق الأحوال من بعض من وصل إلى اليمن ووجد الأمر على عكس ما روي له ، فأنشأ يقول في قصيدة ثانية تائباً عمّا قاله أوّلاً :
رجعت عن القول الذي قلت في نجد |
|
فقد صحّ لي عنه خلاف الذي عندي |
__________________
(١) الفجر الصادق : ١٤.