تحلف بأبيك ، فإنّ من حلف بغير الله فقد أشرك». (١)
والحديث يتألّف من ثلاثة مقاطع ، هي :
الف : جاء رجل ابن عمر ، فسأله هل يحق له الحلف بالكعبة؟ فنهاه ابن عمر.
ب : انّ عمر كان يحلف بأبيه عند رسول الله فنهاه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عن ذلك.
ج : القاعدة الكلية التي ذكرها النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهي : «من حلف بغير الله فقد أشرك». (٢)
أمّا اجتهاد ابن عمر حيث عدّ الحلف بالكعبة من مصاديق الحديث ، فهو اجتهاد منه وحجّة عليه دون غيره.
وأمّا أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عدّ حلف عمر بأبيه من أقسام الشرك ، فلأجل أنّ أباه كان مشركاً ، وقد قلنا : إنّ الرواية ناظرة إلى هذا النوع من الحلف.
وأمّا القاعدة الكلية فالقدر المتيقّن من كلامه صلىاللهعليهوآلهوسلم ما إذا كان المحلوف به شيئاً يعدّ الحلف به شركاً ، كالحلف بالأنداد والطواغيت والآباء الكافرين ، فهذا الذي قصده النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا يعمّ الحلف بالمقدّسات كالقرآن والكعبة وغيرهما ، والشاهد على ذلك ما روي عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث قال :
«من حلف فقال في حلفه باللات والعزّى ، فليقل : لا إله إلّا الله». (٣)
وهذا الحديث وبضميمة ما قبله يدلّ على أنّه ما زالت رواسب الجاهلية فاعلة في المجتمع ولم يمح أثرها من أذهان المسلمين بصورة كلّية ، ولذلك كانت
__________________
(١ و ٢) السنن الكبرى : ١٠ / ٢٩ ؛ مسند أحمد : ١ / ٢ ؛ ٤٧ / ٣٤ ، ٦٧ ، ٧٨ ، ١٢٥.
(٣) سنن النسائي : ٧ / ٨.