استسقى بالعباس بن عبد المطلب رضياللهعنه وقال : اللهمّ إنّا كنّا نتوسّل إليك بنبيّنا فتسقينا ، وإنّا نتوسّل إليك بعمّ نبيّنا فاسقنا ، قال : فيسقون. (١)
والحديث صحيح السند ، فما ظنك برواية رواها الإمام البخاري؟! لكن من لا يروق له التوسّل بالذوات الطاهرة أخذ يؤوّل الحديث بأنّ الخليفة توسّل بدعاء العباس لا بشخصه ومنزلته عند الله ، وأضاف على ذلك أنّه لو كان قصده ذات العباس لكانت ذات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أفضل وأعظم وأقرب إلى الله من ذات العباس ، بلا شكّ ولا ريب ، فثبت أنّ القصد كان الدعاء. (٢)
لا أظنّ أنّ أحداً يحمل شيئاً من الإنصاف. يسوغ لنفسه أن يفسر الحديث بما ذكره ـ أي التوسّل بالدعاء ـ لأنّ في الموضوع نصوصاً تردُّ ذلك ، وإليك الإشارة إليها :
١. قول الخليفة عند الدعاء ... قال : «اللهمّ إنّا كنّا نتوسّل إليك بنبيّنا فتسقينا ، وإنّا نتوسل إليك بعمّ نبيّنا فاسقنا». وهذا ظاهر في أنّ الخليفة قام بالدعاء في مقام الاستسقاء ، وتوسّل بعمّ الرسول في دعائه ، ولو كان المقصود هو التوسّل بدعائه كان عليه أن يقول : يا عمّ رسول الله كنّا نطلب الدعاء من الرسول فيسقينا الله والآن نطلب منك الدعاء فادع لنا.
٢. روى ابن الأثير كيفية الاستسقاء فقال : استسقى عمر بن الخطاب بالعباس عام الرمادة لمّا اشتدّ القحط فسقاهم الله تعالى به ، وأخصبت الأرض ، فقال عمر : هذا والله الوسيلة إلى الله والمكان منه.
__________________
(١) صحيح البخاري : ٢ / ٣٢ ، باب صلاة الاستسقاء.
(٢) التوصل إلى حقيقة التوسّل : ٢٥٣.