مسبقاً ، ثمّ محاولة تفسير الآيات وفقاً لهذا الرأي وانسجاماً مع هذا المعتقد بشتّى أنواع التأويل والتحريف ، وبما أنّ صاحب هذا التفسير قد أنكر مسبقاً وجود الصّلة بين الحياتين الدنيوية والبرزخية ، حينئذ لجأ إلى هذا التأويل البارد للفرار من الحرج الذي وقع فيه أمام هذه الآيات وأمثالها التي تثبت وجود هذه الصلة والعلاقة.
يقول الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم في حقّ هؤلاء :
«من فسّر القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النار». (١)
السؤال الثاني : وهناك سؤال آخر يمكن أن يطرح وهو : يمكن القول بأنّه عليهالسلام كان يخاطب من بقي من قومه على قيد الحياة ، أي أنّه كان يخاطب الثلّة المؤمنة من قومه التي بقيت معه والتي لم يمسّها العذاب الإلهي الذي أصاب الكافرين ، وحينئذ لا دلالة للآية على وجود الصلة بين الحياتين.
والجواب : انّ هذا الاحتمال هو الآخر ضعيف جداً ، بل لا أساس له من الصحّة ، إذ لو كان المراد من الآية المباركة نفس ما ورد في متن السؤال وانّ الخطاب كان موجّهاً للمؤمنين من قوم صالح ، فلما ذا ورد في ذيل الآية قوله تعالى : (وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ)؟! فهل يوجد عاقل يحتمل أنّ هذا الوصف ينطبق على ثلّة من المؤمنين آمنت بربها وأذعنت لدعوة رسوله وانصاعت لأوامره ونواهيه؟!
إذاً المخاطب بالآية على نحو القطع والبت ، هم قوم صالح الذين عمّهم العذاب وشملهم الهلاك.
__________________
(١) انظر كشف القناع للبهوي : ١ / ٥٢٥ ؛ وتوحيد الصدوق : ٩١.