لقد أثبتنا في البحث السابق أنّ زيارة قبور المسلمين مطلقاً وزيارة القبر الطاهر للرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم من المستحبّات المؤكّدة في الشريعة الإسلامية ، حيث روى المحدّثون ـ الشيعة والسنّة ـ روايات كثيرة في استحباب زيارة قبره صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد نقلنا قسماً منها في الفصل السابق. ثمّ إنّ علماء الإسلام قد تسالموا على استحباب زيارة مرقد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولم يشك في ذلك أحدٌ أبداً ، بل حتى محمد بن عبد الوهاب ـ الذي يمثّل محور إثارة الشبهات في العقائد الإسلامية ـ نجده هو الآخر لم يختر الصمت في هذه القضية الحسّاسة ، بل صرّح باستحباب زيارة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم. (١)
ومع الالتفات إلى هذا الاستحباب يمكن تقسيم المسلمين بالنسبة إلى هذه الهبة الإلهية إلى طائفتين ، هما :
١. سكان المدينة المنوّرة
من الواضح أنّ سكّان المدينة المنوّرة ينهلون من هذا النبع الإلهي ، ويغرفون من هذا البحر الزاخر ، ويتزوّدون بأنواع النعم والآثار المعنوية والفيض الإلهي النازل على تلك الروضة المطهّرة لقبره الشريف صلىاللهعليهوآلهوسلم من دون بذل عناء أو جهد ، ويؤدّون هذا العمل المستحب من دون مشقّة أو تعب وعناء.
__________________
(١) انظر كلمته التي نقلناها في ص ١٦٤.