وإمّا أن يكون غيره فحينئذ الذي حصل أوّلا فقد حصل بتمامه ، والذي لم يحصل فهو بتمامه معدوم ، فليس هناك شيء واحد له حصول على التدريج ، بل هناك أمور متتالية.
فالحاصل : أنّ الشيء الأحديّ الذات يمتنع أن يكون له حصول (١) إلّا دفعة ، بل الشيء الذي له أجزاء كثيرة أمكن أن يقال حصوله على التدريج ، على معنى أنّ كلّ واحد من تلك الأفراد الحقيقة إنّما يحصل في حين بعد حين حصول الآخر. وأمّا على التحقيق فكلّ ما حدث فقد حدث بتمامه دفعة ، وما لم يحدث فهو بتمامه دفعة لم يحدث بل هو معدوم». (٢)
والأوائل منعوا من كون الحادث ابتداء من نوعه ، فليس لابتداء الحركة آن فيه حركة ، ولا لابتداء الزمان زمان. وبالجملة فالأشياء عندهم تنقسم إلى ما يوجد في آن وهو ما يوجد دفعة كالجوهر والأعراض القارّة. ومنها ما لا يمكن وجوده إلّا في زمان فأيّ شيء فرضت منه لا بدّ وأن يطابقه زمان ، ولا يمكن أن يوجد فيه شيء يكون أقل ما يمكن ، وإلّا لزم الجزء الذي لا يتجزأ ، وهو عندهم محال. فالبحث معهم يقع في هذا أوّلا ، وقد أبطلنا قواعدهم فيه.
__________________
(١) ق : «حصوله».
(٢) المباحث المشرقية ١ : ٦٧١ ـ ٦٧٢. راجع أيضا شرح الإشارات ٣ : ١٨٨.