وأمّا بالنظر إلى المادة ، فلأنّ كلّ محدث فهو مسبوق بمادة يحل فيها إمكانه السابق عليه ، فإن كانت حادثة تسلسل. وإن كانت قديمة افتقرت إلى صورة ومجموعهما الجسم ، فهو قديم.
وأمّا بالنظر إلى الصورة ، فلأنّ الزمان لا يقبل العدم ، وإلّا لافتقر سبق عدمه على وجوده إلى زمان وتسلسل.
وأمّا بالنظر إلى الغاية ، فلأنّ الفاعل لو كان مختارا فلا بدّ له من غاية في الإيجاد فكان مستكملا بذلك الإيجاد فكان ناقصا ، وإن لم يكن مختارا كان موجبا فيلزم من قدمه قدم الأثر.
والجواب عن الأوّل : ما ذكرناه من اختصاص الكوكب بالموضع المعيّن من الفلك مع كونه بسيطا ؛ واختصاص أحد جانبي المتمم بالثخن والآخر بالرقّة.
وأيضا (١) الاختصاص مستند إلى إرادة الله تعالى بإحداثه في ذلك الوقت وذلك التعلّق واجب ، فيستغني عن المرجح.
لا يقال : تخصيص الإحداث بوقت معيّن يستدعي امتيازه عن سائر الأوقات ، فتكون الأوقات موجودة قبل ذلك الحادث.
لأنّا نقول : كما يجوز امتياز وقت عن وقت بأن (٢) لم يكن للوقت وقت آخر ، فلم لا يجوز امتياز العدم عن الوجود من غير وجود الوقت؟
والجواب عن الثاني : أنّ الإمكان ليس وصفا وجوديا ، على ما مرّ. ولأنّ المادة ممكنة فيلزم أن يقوم إمكانها بمادة أخرى.
لا يقال : المادة قديمة فإمكانها قائم بها ، أمّا إمكان الحادث فلا يمكن قيامه به ، لاستحالة قيام الموجود بالمعدوم.
__________________
(١) وصفه الرازي بالجواب الحقيقي. المصدر نفسه : ٢٠٦.
(٢) في المحصل : «وإن».