وأوضاعها.
لأنّا نقول : فجوزوا هنا أن تختلف الأرضون في موادها حتى يكون لكلّ أرض بسيطة(١) عالم معيّن.
فإن ادعوا تماثل الأرضين في المادة ، قلنا : لا نزاع في أنّ أجزاء الأرض التي في عالمنا متشاركة في المادة ، لكن لم قلتم بأنّ مادة الأرض الموجودة في عالم آخر يجب أن تكون مساوية لمادة الأرض الموجودة في هذا العالم؟
وبالجملة فكلّ ما يذكرونه هنا ينتقض بالأجرام الفلكية.
والاعتراض على السادس : بأنّ تلك الحجّة مبنية أيضا على أنّها لو كانت موجودة لكانت متحدة في النوع ، وقد سبق البحث فيه. (٢)
واعلم أنّ بعض الناس (٣) احتج على إثبات عوالم كثيرة بأن قال : مفهوم قولنا «عالم» إن منع عن (٤) الشركة لم يكن علمنا بوحدة العالم كسبيا موقوفا على برهان ، بل كلّ من تصوّر العالم تصوّر كونه واحدا بالضرورة ، وليس كذلك بالضرورة فهو غير مانع من الشركة ، لكن العالم ليس من الأمور التي إذا فرضت له جزئيات كانت تلك الجزئيات على سبيل إنّ واحدا يكون بعد واحد لأنّ العالم أزلي ، بل لما ثبت إمكان وجود العالم فقد ثبت إمكان وجود أزليته ، والأمور الأزلية
__________________
(١) في المباحث : «وسط».
(٢) قال الرازي بعد ذكر الجواب عن دلائل الفلاسفة : «فقد ظهر بهذه البيانات : أنّ دلائل الفلاسفة في إثبات هذه المطالب أوهن من بيت العنكبوت. وأنّ الحقّ : أنّ العقول البشرية ضعيفة ، والعلوم الإنسانية حقيرة. وأنّ الحقّ الصريح ما جاء في الكتاب الإلهي ، حيث قال : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) والله أعلم». المطالب العالية ٦ : ١٩٥.
(٣) انساق إلى كثرة العوالم من أصول فاسدة وغير متناسبة للعلم الطبيعي ، بل هي فلسفية ومنطقية ... الفصل العاشر من الفن الثاني من طبيعيات الشفاء.
(٤) ج : «من».