البحث السادس
في إبطال التداخل (١)
لمّا ألزم القائلون بالجزء النظّام عدم تناهي المقدار عند عدم تناهي الأجزاء التزم القول بالتداخل. وذلك بأن يصير مكان الجوهرين أو الجواهر الكثيرة مكان الجزء الواحد بأن تنفذ فيه ولا تتميز الأجزاء في الموضع عن الجزء الواحد.
وهذا بديهي البطلان ؛ فإنّ الضرورة قاضية بأنّ كلّ ذي وضع بالاستقلال فإنّه يمتنع عليه أن يتحد بذي وضع بالاستقلال في المكان والحيز. وهذا المذهب مع بطلانه يقتضي تجزئة ما هو واحد عنده ؛ لأنّ التماس والتداخل أمران متغايران بالضرورة ، فإذا كان الجزء مماسا لجزء آخر ثمّ داخله فإنّه حالة النفوذ يلقى منه شيئا غير ما لقيه حالة المماسة ، فيلزم انقسام كلّ واحد من الجزءين المفروض عدم انقسامهما ، هذا خلف.
ولأنّه يستلزم عدم استلزام زيادة الأجزاء لزيادة المقدار ، وهو محال بالضرورة.
__________________
(١) في جميع النسخ : «للحال» بعد «التداخل» ، وهو خطأ من إقحام الناسخ.
قال ابن سينا : «المتداخل هو الذي يلاقي الآخر بكليته حتى يكفيهما مكان واحد» ، رسالة الحدود. وانظر إبطاله في شرح الإشارات ٢ : ١٦.