البحث السابع
في إبطال مذهب ذيمقراطيس (١)
قد ذكرنا فيما تقدّم حكم الأجسام المفردة ، وبقي حكم المؤلّفة. فمن المذاهب المتعلقة بهذا الموضع في الأجسام المؤلفة مذهب ينسب إلى بعض القدماء كذيمقراطيس وغيره ، وهو قولهم : إنّ الأجسام المشاهدة ليست ببسائط على الإطلاق ، بل إنّما هي مؤلفة من بسائط صغار متشابهة الطبع في غاية الصلابة ، وتألّف البسائط إنّما يكون بالتماس والتجاور فقط ، والجسم البسيط الواحد منها لا ينقسم فكّا (٢) أصلا وينقسم وهما ، لدلالة حجّة الفلاسفة عليه (٣) ، ومقاديرها في الصغر والكبر وأشكالها مختلفة. وربما زعم بعضهم أنّ مقاديرها متساوية ، ومال إليه الشيخ أبو البركات البغدادي إلى مثل هذا القول في الأرض وحدها (٤).
__________________
(١) (٤٧٠ ـ ٣٦١ ق م) وأنظر البحث في شرح الإشارات ٢ : ٥٤.
(٢) في شرح الإشارات : «فكان» ، وهو خطأ.
(٣) قال في مناهج اليقين : «لمّا رأى [ذيمقراطيس] حجة المتكلّمين على تركبها من المتناهية اعترف بها ، ورأى حجّة الأوائل على قبولها للانقسام الغير المتناهي أذعن لها ظانّا أنّه أصاب التحقيق ، وبئس ما ظن ... الخ» ، ص ٣١.
(٤) في النسخ : «وحده».