العدة للمرأة في نفسها ، وللأب في ابنته البكر ، والسيّد في أمته. قال ابن المواز : وأمّا الوليّ الذي لا يملك الجبر ، فأكرهه.
وقال مالك ـ رحمهالله ـ فيمن يواعد في العدّة ، ثم يتزوج بعدها : فراقها أحبّ إليّ ، دخل بها ، أو لم يدخل ، وتكون تطليقة واحدة هذه رواية ابن وهب ، وروى أشهب عن مالك ، أنّه يفرّق بينهما إيجابا ، وقاله ابن القاسم ، وحكى ابن الحارث مثله عن ابن الماجشون ، ورأى ما يقتضي أنّ التحريم يتأبدّ ، وقال الشافعيّ إن صرّح بالخطبة ، وصرّحت له بالإجابة ، ولم ينعقد النكاح [حتى] تنقضي العدّة ، فالنكاح ثابت [والتصريح لهما مكروه]
قوله : (إِلَّا أَنْ تَقُولُوا) في هذا الاستثناء قولان :
أحدهما : أنه استثناء منقطع ؛ لأنه لا يندرج تحت «سرّ» على أيّ تفسير فسّرته به ، كأنه قال لكن قولوا قولا معروفا.
والثاني : أنه متصل ، وفيه تأويلان ذكرهما الزمخشري فإنه قال : فإن قلت : بم يتعلّق حرف الاستثناء؟ [قلت] : ب «لا تواعدوهنّ» ، أي : لا تواعدوهنّ مواعدة قطّ إلا مواعدة معروفة غير منكرة ، أو لا تواعدوهنّ إلا بأن تقولوا ، أي : لا تواعدوهنّ إلّا بالتعريض ، ولا يكون استثناء منقطعا من «سرّا» ؛ لأدائه إلى قولك : «لا تواعدوهنّ إلّا التعريض» انتهى ، فجعله استثناء متصلا مفرّغا على أحد تأويلين :
الأول : أنه مستثنى من المصدر ؛ ولذلك قدّره : لا تواعدوهنّ مواعدة إلّا مواعدة معروفة.
والثاني : أنه من مجرور محذوف ؛ ولذلك قدّره ب «إلّا بأن تقولوا» ؛ [لأنّ التقدير عنده : لا تواعدوهنّ بشيء ، إلا بأن تقولوا ، ثم أوضح قوله بأن تقولوا] بالتعريض ، فلمّا حذفت الباء من «أن» ، وهي باء السببية بقي في «أن» الخلاف المشهور بعد حذف حرف الجرّ ، هل هي في محلّ نصب أم جرّ؟ وقوله : «لأدائه إلى قولك ... إلى آخره» يعني أنه لا يصحّ تسلّط العامل عليه ، فإنّ القول المعروف عنده المراد به التعريض ، وأنت لو قلت : «لا تواعدوهنّ إلّا التّعريض» لم يصحّ ؛ لأنّ التعريض ليس مواعدا.
وردّ عليه أبو حيان : بأنّ الاستثناء المنقطع ليس من شرطه صحّة تسلّط العامل عليه ، بل هو على قسمين : قسم يصحّ فيه ذلك ، وفيه لغتان : لغة الحجاز وجوب النصب مطلقا ، نحو : «ما جاء أحد إلّا حمارا» ولغة تميم إجراؤه مجرى المتصل ، فيجرون فيه النصب والبدلية بشرطه. وقسم لا يصحّ فيه ذلك ، نحو : «ما زاد إلّا ما نقص» ، و «ما نفع إلّا ما ضرّ» ، وحكم هذا النّصب عند العرب قاطبة ، فالقسمان يشتركان في التقدير ب «لكن» عند البصريين ، إلّا أنّ أحدهما يصحّ تسلّط العامل عليه في قولك : «ما جاء أحد