وهو مصدر حذف فاعله ومفعوله ؛ إذ التقدير : وصدّكم ـ يا كفار ـ المسلمين عن سبيل الله وهو الإسلام.
و «كفر» فيه وجهان :
أحدهما : أنه عطف [على «صدّ» على قولنا بأن «صدّا» مبتدأ لا على] قولنا : بأنه خبر ثان عن «قتال» ، لأنه يلزم منه أن يكون القتال في الشهر الحرام كفرا ، وليس كذلك ، إلّا أن يراد بقتال الثاني ما فيه هدم الإسلام ، وتقوية الكفر ؛ كما تقدّم ذلك عن بعضهم ، فيكون كفرا ، فيصحّ عطفه عليه مطلفا ، وهو أيضا مصدر لكنه لازم ، فيكون قد حذف فاعله فقط ، أي : وكفركم.
والثاني : أن يكون مبتدأ ، كما يأتي تفصيل القول فيه. والضمير في «به» فيه وجهان :
أحدهما : أنه يعود على «سبيل» لأنه المحدّث عنه.
والثاني : أنه يعود على الله ، والأول أظهر. و «به» فيه وجهان ، أعني كونه صفة لكفر ، أو متعلقا به ، كما تقدّم في «فيه».
قوله : «والمسجد» مجرورا ، وقرئ (١) شاذا مرفوعا. فأمّا جرّه فاختلف فيه النحويون على أربعة أوجه.
أحدها : وهو قول المبرد وتبعه الزمخشري ـ وقال ابن عطية «وهو الصحيح» ـ أنه عطف على «سبيل الله» أي : وصدّ عن سبيل الله وعن المسجد.
وردّ هذا بأنّه يؤدّي إلى الفصل بين أبعاض الصّلة بأجنبيّ تقريره أنّ «صدّا» مصدر مقدّر بأن ، والفعل ، و «أن» موصولة ، وقد جعلتم «والمسجد» عطفا على «سبيل» ، فهو من تمام صلته ، وفصل بينهما بأجنبيّ ، وهو «وكفر به». ومعنى كونه أجنبيا أنّه لا تعلّق له بالصّلة. فإن قيل : يتوسّع في الظّرف وحرف الجرّ ما لم يتوسع في غيرهما.
قيل : إنّما قيل بذلك في التّقديم ، لا في الفصل.
الثاني : أنّه عطف على الهاء في «به» ، أي : وكفر به ، وبالمسجد ، وهذا يتخرّج على قول الكوفيّين. وأمّا البصريّون ؛ فيشترطون في العطف على الضّمير المجرور إعادة الخافض إلّا في ضرورة ، فهذا التّخريج عندهم فاسد ولا بدّ من التّعرّض لهذه المسألة ، وما هو الصّحيح فيها؟ فنقول وبالله التوفيق : اختلف النّحاة في العطف على الضّمير المجرور على ثلاثة مذاهب :
__________________
(١) انظر : البحر المحيط ٢ / ١٥٥ ، والدر المصون ١ / ٥٢٩. قال ابن عطية ١ / ٢٩٠ : و «المسجد» معطوف على «سبيل الله» وهذا هو الصحيح.