زائدة ، ومن هنالك قال بزيادة الباء في التوكيد المعنوي ، ذكره صاحب «المغني» ورده من جهة اللفظ بأن حق توكيد الضمير المتصل أن يكون بعد ذكر الضمير المنفصل أو بفاصل آخر ، إلّا أن يقال : اكتفى بحرف الجر ؛ ومن جهة المعنى بأن التوكيد لا داعي إليه إذ لا يذهب عقل السامع إلى أن المأمور غير المطلقات الذي هو المبتدأ ، الذي تضمن الضمير خبره.
وانتصب (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) ، على النيابة عن المفعول فيه ؛ لأن الكلام على تقدير مضاف ؛ أي مدة ثلاثة قروء ، فلما حذف المضاف خلفه المضاف إليه في الإعراب.
والقروء جمع قرء ـ بفتح القاف وضمها ـ وهو مشترك للحيض والطهر. وقال أبو عبيدة : إنه موضوع للانتقال من الطهر إلى الحيض ، أو من الحيض إلى الطهر ، فلذلك إذا أطلق على الطهر أو على الحيض كان إطلاقا على أحد طرفيه ، وتبعه الراغب ، ولعلهما أرادا بذلك وجه إطلاقه على الضدين. وأحسب أن أشهر معاني القرء عند العرب هو الطهر ، ولذلك ورد في حديث عمر أن ابنه عبد الله لما طلق امرأته في الحيض سأل عمر رسول اللهصلىاللهعليهوسلم عن ذلك ، وما سؤاله إلّا من أجل أنهم كانوا لا يطلقون إلّا في حال الطهر ليكون الطهر الذي وقع فيه الطلاق مبدأ الاعتداد ، وكون الطهر الذي طلقت فيه هو مبدأ الاعتداد هو قول جميع الفقهاء ما عدا ابن شهاب فإنه قال : يلغى الطهر الذي وقع فيه الطلاق.
واختلف العلماء في المراد من القروء في هذه الآية ، والذي عليه فقهاء المدينة وجمهور أهل الأثر أن القرء هو الطهر وهذا قول عائشة وزيد بن ثابت وابن عمر وجماعة من الصحابة من فقهاء المدينة ومالك والشافعي في أوضح كلاميه ، وابن حنبل. والمراد به الطهر الواقع بين دمين. وقال علي وعمر وابن مسعود وأبو حنيفة والثوري وابن أبي ليلى وجماعة إنه الحيض. وعن الشافعي في أحد قوليه أنه الطهر المنتقل منه إلى الحيض ، وهو وفاق لما فسر به أبو عبيدة ، وليس هو بمخالف لقول الجمهور : إن القرء الطهر ، فلا وجه لعده قولا ثالثا.
ومرجع النظر عندي في هذا إلى الجمع بين مقصدي الشارع من العدة وذلك أن العدة قصد منها تحقق براءة رحم المطلقة من حمل المطلق ، وانتظار الزوج لعله أن يرجع. فبراءة الرحم تحصل بحيضة أو طهر واحد ، وما زاد عليه تمديد في المدة انتظارا للرجعة. فالحيضة الواحدة قد جعلت علامة على براءة الرحم ، في استبراء الأمة في انتقال الملك ،