واحتيج للتأكيد بإنّ ، لأن الخبر غريب وهو أن يكون تعالى قريبا مع كونهم لا يرونه. و (أُجِيبُ) خبر ثان لإنّ وهو المقصود من الإخبار الذي قبله تمهيدا له لتسهيل قبوله.
وحذفت ياء المتكلم من قوله «دعان» في قراءة نافع وأبي عمرو وحمزة والكسائي ؛ لأن حذفها في الوقف لغة جمهور العرب عدا أهل الحجاز ، ولا تحذف عندهم في الوصل لأن الأصل عدمه ولأن الرسم يبنى على حال الوقف ، وأثبت الياء ابن كثير وهشام ويعقوب في الوصل والوقف ، وقرأ ابن ذكوان وعاصم بحذف الياء في الوصل والوقف وهي لغة هذيل ، وقد تقدم أن الكلمة لو وقعت فاصلة لكان الحذف متفقا عليه في قوله تعالى : (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) [البقرة : ٤٠] في هذه السورة.
وفي هذه الآية إيماء إلى أن الصائم مرجوّ الإجابة ، وإلى أن شهر رمضان مرجوة دعواته ، وإلى مشروعية الدعاء عند انتهاء كل يوم من رمضان.
والآية دلت على أن إجابة دعاء الداعي تفضل من الله على عباده غير أن ذلك لا يقتضي التزام إجابة الدعوة من كل أحد وفي كل زمان ، لأن الخبر لا يقتضي العموم ، ولا يقال : إنه وقع في حيز الشرط فيفيد التلازم ، لأن الشرط هنا ربط الجواب بالسؤال وليس ربط للدعاء بالإجابة ، لأنه لم يقل : إن دعوني أجبتهم.
وقوله : (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي) تفريع على (أُجِيبُ) أي إذا كنت أجيب دعوة الداعي فليجيبوا أوامري ، واستجاب وأجاب بمعنى واحد. وأصل أجاب واستجاب أنه الإقبال على المنادي بالقدوم ، أو قول يدل على الاستعداد للحضور نحو (لبيك) ، ثم أطلق مجازا مشهورا على تحقيق ما يطلبه الطالب ، لأنه لما كان بتحقيقه يقطع مسألته فكأنّه أجاب نداءه.
فيجوز أن يكون المراد بالاستجابة امتثال أمر الله فيكون (وَلْيُؤْمِنُوا بِي) عطفا مغايرا والمقصود من الأمر الأول الفعل ومن الأمر الثاني الدوام ، ويجوز أن يراد بالاستجابة ما يشمل استجابة دعوة الإيمان ، فذكر (وَلْيُؤْمِنُوا) عطف خاص على عام للاهتمام به.
وقوله : (لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) تقدم القول في مثله. والرشد إصابة الحق وفعله كنصر وفرح وضرب ، والأشهر الأول.
(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ