من الاخبار الواردة بذلك في المقام. والكلام ذيل كل منها بما يكشف عن معناه نقاب الإبهام.
الأول : ما رواه في الكافي عن إسماعيل ابن عبد الخالق (١) في الصحيح قال : «سألت أبا الحسن عليهالسلام ، عن العينة وذلك أن عامة تجارنا اليوم يعطون العينة فأقص عليك كيف نعمل قال : هات قلت : يأتينا الرجل المساوم يريد المال فيساومنا وليس عندنا متاع فيقول : أربحك ده يازده وأقول أنا : ده دوازده ، فلانزال نتراوض حتى نتراوض على أمر ، فإذا فرغنا قلت له : أى متاع أحب إليك ان اشترى لك؟ فيقول : الحرير لانه لا يجد شيئا أقل وضيعة منه ، فأذهب وقد قاولته من غير مبايعة فقال : أليس إن شئت لم تعطه وان شاء لم يأخذ منك؟ قلت : بلى ، قلت فأذهب فأشترى له ذلك الحرير وأماكس بقدر جهدي ثم أجيء به الى بيتي فأبايعه فربما ازددت عليه القليل على المقاولة ، وربما أعطيته على ما قاولته ، وربما تعاسرنا ولم يكن شيء ، فإذا اشترى منى لم يجد أحدا أغلى به من الذي اشتريته منه ، فيبيعه منه ، فيجيئني ذلك فيأخذ الدراهم ، فيدفعها اليه وربما جاء فيحيله على ، فقال : لا تدفعها الا الى صاحب الحرير ، قلت : وربما لم يتفق بيني وبينه البيع به ، فأطلب اليه ليقيله منى فقال : أو ليس لو شاء لم يفعل وان شئت أنت لم ترد ، فقلت : بلى لو أنه هلك فمن مالي قال : لا بأس بهذا إذا أنت لم تعد هذا فلا بأس».
أقول : ما اشتمل عليه هذا الخبر هو المعنى الثاني من المعنيين اللذين ذكرهما في النهاية ، وإطلاق كلام ابن إدريس شامل لهذه الصورة أيضا ، لأن قوله ثم يبيعها بدون ذلك أعم من أن يكون البيع على من اشترى منه أو على غيره.
وفي الخبر أيضا دلالة على أنه لا يختص العينة بما إذا كان الغرض منها قضاء دين عليه كما يشعر به كلام ابن إدريس ، وان كان قد ورد ذلك في جملة من أخبار المسألة لأن ظاهر الخبر المذكور انما هو أخذ المال لينتفع به.
وظاهر هذا الخبر وغيره من أخبار العينة أن الغرض من ذلك هو الحيلة في
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٢٠٣.