آحاد شذاذ ، وقد بينا أن اخبار الآحاد عند أصحابنا لا توجب علما ولا عملا ، والواجب على المفتي الرجوع في صحة الفتوى إلى الأدلة القاطعة انتهى.
والمراد من قوله «ويمكن ان يعمل بهذه الرواية الى آخره ، ان المالك يبيع الراعي ما في ضروع الغنم من الألبان مدة من الزمان بضميمة يضمها الى ذلك من لبن يحلبه منها أو عرض ، فتصير الألبان أو ما يخرج منها من سمن ونحوه للراعي بالبيع ، ويشترط عليه المالك بما يريد من سمن أو لبن أو دراهم ، فيكون ما يأخذه الراعي من السمن والألبان حلالا خاليا من الشبهة ، بخلاف ما لو لم يعمل كذلك ، فإنه لا وجه لاستحقاقه شيئا منها حتى انه يشترط عليه المالك بعضا ويترك له بعضا ، لأن أخذه للغنم بطريق الإجارة لها أو لالبانها غير صحيح ، لما ذكر من أن الإجارة انما تفيد تمليك المنفعة لا العين ، ولهذا ان العلامة إنما تفصى عن ذلك بان هذه المعاملة ليست من قبيل البيع ، ولا الإجارة ، وانما هي نوع معاوضة وتراض من الطرفين ، وان كان غير لازم شرعا لو أريد فسخه وإبطاله ، وهو جيد وقوفا على ظواهر الأخبار المذكورة والله العالم.
الخامسة قال الشيخ في النهاية : لا يجوز بيع اللبن في الضرع ، فمن أراد بيع ذلك حلب منه شيئا واشتراه مع ما بقي منه في الضرع في الحال أو مدة من الزمان ، وان جعل معه عرضا آخر كان أحوط ، وبه قال ابن البراج وابن حمزة وابن الجنيد ، وقال الشيخ المفيد : لا يجوز بيع اللبن من الغنم الى وقت انقطاعه ، لان ذلك جزاف ومجهول ، ولا بأس ببيعه أرطالا مسماة ، وبه قال أبو الصلاح ، نقل جميع ذلك العلامة في المختلف.
ثم قال : وقال ابن إدريس لا يجوز ذلك ، وهو المعتمد ، لنا انه بيع مجهول ضم الى معلوم ، وكان المجهول أصلا في البيع ، فلم يصح لتطرق الجهالة ، إلى المبيع ، إذ انضمام المعلوم اليه لا يصير جملة المبيع ـ بل المقصود الذاتي ـ معلوما ، فيكون غررا انتهى.