لا بأس ما تصلح به مالك ، ثم سكت ساعة ثم قال : إذا أنت رشوته يأخذ أقل من الشرط؟ قلت : نعم قال : فسدت رشوتك».
أقول : فيه دلالة على جواز الرشوة لدفع الظلم المتعدي ، والظاهر أن الجواز انما هو بالنسبة الى المعطى لا الى القابض ، فإنها محرمة عليه البتة ، لأنه إنما أعطى لأجل دفع ظلمه ، وهذا انما يوجب زيادة في التحريم.
واما إعطاء الوكيل هنا لأجل أن يقبل أقل من الحق الواجب أداؤه ، فإنه محرم البتة ، ولهذا قال عليهالسلام لما سأله أنه بعد أخذ الرشوة يأخذ أقل من الشرط يعني الحق الذي شرط عليه فقال نعم : «فسدت رشوتك» فان ذلك خيانة وظلم ، وهو ظاهر. والله العالم بحقائق أحكامه وأولياؤه القائمون بمعالم حلاله وحرامه.
كتاب الدين
ولنقدم هنا جملة من الاخبار الواردة في الاستدانة فإن كتابنا هذا كتاب أحكام وأخبار كما لا يخفى على من تأمله بعين الفكر والاعتبار ، فروى سماعة (١) في الموثق قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : الرجل منا يكون عنده الشيء يتبلغ به وعليه دين أيطعمه عياله حتى يأتي الله عزوجل بميسرة ، فيقضي دينه؟ أو يستقرض على ظهره في خبث الزمان وشدة المكاسب ، أو يقبل الصدقة؟ قال : يقضى بما عنده دينه ، ولا يأكل من أموال الناس الا وعنده ما يؤدى إليهم حقوقهم ، ان الله عزوجل يقول (٢) «لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ» ولا يستقرض على ظهره الا وعنده وفاء ، ولو طاف على أبواب الناس فردوه باللقمة واللقمتين والتمرة والتمرتين ، الا ان يكون له ولي يقضى دينه من بعده ، ليس منا من يموت الا جعل الله له وليا يقوم في عدته ودينه فيقضى عدته ودينه».
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٩٥ التهذيب ج ٨ ص ١٨٥ الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الديون.
(٢) سورة النساء الآية ٢٩.