والعلامة في المختلف وشيخنا الشهيد في المسالك ردوهما بضعف الاسناد ، وان كانت الأولى موثقة ، وفيه ما عرفت من أن الصدوق في الفقيه قد رواها في الصحيح عن أبان كما أوضحناه ، ولكنهم غفلوا عن ملاحظتها منه ، واعتمدوا على ما في التهذيب وهي فيه موثقة ، وبه يظهر ضعف ما ذكروه ، هذا مع البناء على اصطلاحهم المحدث ، والا فالروايات جميعا عندنا من باب واحد ، ويؤيده صحيحة محمد بن مسلم «ان الذي عنده المتاع يدعى دينا ورهنا ، والمالك ينكر كلا من الأمرين» ومقتضى القاعدة أن القول قوله بيمينه ، وان الأصل العدم في كل من الأمرين المذكورين ، والشيخ في الاستبصار قد أجاب عن الصحيحة المذكورة بأنه انما قال «عليه البينة» على مقدار الدين الذي ارتهنه به ، لا على أصل الرهن ، وحينئذ فيمين المالك مع تعذر البينة انما هي على نفى الدين ، واستبعد جملة ممن تأخر عنه.
ويمكن أن يقال عن جانب الشيخ : ان الأصل وان كان كما ذكروه ، الا أنه يجب الخروج عنه بالدليل ، وهي صحيحة أبان المؤيدة بالرواية الأخرى ، وله نظائر في الاخبار غير عزيزه.
ومنها من استودع شخصا مالا فتلف فقال صاحب المال : هو قرض في ذمتك ، وقال الآخر : هو أمانة ، فان مقتضى الأصل الذي اعتمدوه هو تقديم قول مدعى الأمانة لأن صاحب المال يدعي أمرا زائدا وهو اشتغال الذمة ، والأصل عدمه.
والحال أن موثقتي إسحاق بن عمار (١) قد صرحتا بأن القول قول مدعى القرض بيمينه ، وأن مدعى الوديعة تكلف البينة ، ومع عدمها يحلف مدعى القرض.
ومن الموثقتين المذكورتين ما رواه الراوي المذكور (٢) في الموثق عن أبى عبد الله عليهالسلام «في رجل قال لرجل : لي عليك ألف درهم ، فقال الرجل : لا ولكنها وديعة ،
__________________
(١) التهذيب ج ٧ ص ١٧٦ و ١٧٩.
(٢) الكافي ج ٥ ص ٢٣٨.