ونحوه ابنه الصدوق في الفقيه ، كما تقدم التنبيه عليه في الكتب المذكورة ، ومن ثم اعتمدنا على الكتاب المذكور لاعتماد هذين العمدتين عليه.
وأنت خبير بأنه لا منافاة بين الخبرين ، فان الخبرين متفقان على أن تحريم المطالبة انما هو في صورة ما إذا كان الدين خارج الحرم ، ثم انه وجده في الحرم ، وأما لو كانت الاستدانة في الحرم فحكمها في موثق سماعة غير مذكور ، إذ مورده ظاهرا انما هو ما قلناه ، فاشتمال رواية الكتاب المذكور على حكم الاستدانة في الحرم لا معارض لها ، فيجب العمل بها كما عمل بها الشيخ المذكور.
وقال المحدث الكاشاني (رحمهالله عليه) في المفاتيح في ضمن عد جملة من المستحبات : وأن لا يطالبه في الحرم ، بل لا يسلم عليه ، ولا يروعه حتى يخرج ، كذا في الخبر ، أما لو التجأ المديون اليه لم يجز مطالبته فيه ، بل يضيق عليه في المطعم والمشرب ، الى أن يخرج ، لقوله تعالى (١) «وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً» كذا قالوه انتهى.
أقول : ما نقله عنهم من الكلام الأخير لم أقف عليه فيما حضرني من كلامهم في الدين. نعم ذلك في الجناية كما وردت به الأخبار ، وصرح به الأصحاب.
وأما ما ذكره ابن إدريس وطول به من الكلام فهو نفخ في غير ضرام ، وأى موجب لتأويل كلام الشيخ مع وجود الرواية به ، وأي منافاة في الخبر المذكور مع ما علم من اختصاص الحرم بأحكام عديدة لا يشاركه غيره فيها ، فتخصص به العمومات ، وهذا من جملتها. ثم من الذي اشترط في الاخبار ـ الواردة في الأحكام ـ ورودها متواترة في كل حكم حكم ، وجزئي جزئي حتى أنه يرد هذه الرواية لعدم كونها كذلك.
ثم أى دليل فيما احتج به من فعل الصحابة والتابعين ومن بعدهم الى يومه ، والجميع انما هم من قضاة المخالفين ، وعلمائهم ـ الذين نسبهم إلى الإسلام هنا ـ
__________________
(١) سورة آل عمران الآية ـ ٩٧.