لوجهه ، وبسبب غروره وعجبه تذهب هباء منثوراً.
وعلّة ذلك يرجع الى عدم معرفته لآفات العمل وغفلته بمراصد الشيطان ومكائده ، وعندما يرى في الاخرة أن هذا الاعمال الحسنة قد تبدلت الى سيئات ينتبه من نومه وعندئذ لا تنفع النّدامة كما يقول الله تعالى : (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) (١).
لقد ساوى القرآن الكريم هؤلاء الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا مع الذين لم يقدموا لانفسهم فيها شيئاً.
والاخلاص في العمل علاوة على آثاره ونتائجه الحسنة في الاخرة ، لا يخلو من الثمار في الدنيا بل له فوائد كثيرة وورد عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «ما أخلص عبد لله عزّ وجلّ أربعين صباحاً إلّا جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه» (٢).
وفي مختصر الاحياء للشّيخ شرف الدّين يذكر في باب الاخلاص ويقول : إذا أخلص الانسان عمله فسوف تظهر آثار ذلك عليه وعلى أبنائه الى يوم القيامة ، كما ورد أنّه عندما نزل آدم عليهالسلام الى الارض جاءت جميع الحيوانات والوحوش لزيارته والسلام عليه ، فأخذ آدم عليهالسلام بالدعاء لكلّ طائفة منها بحسب حالها حتى جاءت طائفة من الغزلان فدعى لها ومسح بيده المباركة على ظهرها ، فلهذا صار المسك في بطن الغزال من بركة يد آدم عليهالسلام ، فلمّا رجعت هذه الطائفة من الغزلان الى قومهم ، سألت الغزلان من أين لكن هذه الرّائحة العطرة ، فقلن : نحن ذهبنا لزيارة آدم صفوة الله فمسح على ظهرنا فظهرت آثار البركة فينا ، فجاءت بقية الغزلان الى آدم عليهالسلام لأجل الحصول على هذه البركة فمسح عليهم ، ولكنه لم يحدث شيئاً إطلاقاً فقالوا : نحن ذهبنا الى آدم عليهالسلام وسلّمنا عليه ومسح علينا ولكن لم يظهر أثر ذلك فينا.
__________________
(١) الكهف : ١٠٤.
(٢) بحار الانوار : للعلّامة المجلسي رحمه الله ، ج ٧ ، ص ٢٤٢ ، عيون أخبار الرضا : للشّيخ الصدوق رحمه الله ، ج ٢ ، ص ٦٩.