إذن فهم أصل وجذور الخير والطّيب في الصالحين والابرار ، أو أنّهم العلّة الغائية وسبب أصل خلقة العالم وخلقة الابرار ، لأنّه لولاهم ما كانت السماء ولا الارض ولا الشمس ولا القمر ولا الليل ولا النهار ، ولا خلق الله سبحانه الناس ولا الأخيار ، فهم أساس وحقيقة وعصارة الخلقة ووجود الأخيار ، وبهذا المعنى يدل الحديث المأثور : «لولاك لولاك لما خلقت الأفلاك» (١).
يعني يا محمّد لولاك لما خلقت السماء والأرض.
أو لأنّ الشيعة الاخيار الأبرار (٢) خلقوا من فاضل طينتهم (٣) وينتمون الى ولايتهم ويقرون بأمامتهم ، كما ورد في رواية صحيحة عن الأئمّة الاطهار عليهمالسلام : «شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا ، يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا» (٤).
(وَدَعَائِمَ الأخْيَارِ)
الدّعائم : جمع الدِّعامة بكسر الدال ، وهي عماد البيت ، ومعناه أن الأئمّة عليهمالسلام موطن أعتماد ، وموضع أتكاء الاخيار والأبرار ، فعليهم العول والمعتمد في الاحكام الالهية والمعارف الربانية عليهمالسلام. وهم مرجع الصلحاء والاخيار في أنتقاء الفضائل الخلقية والعملية ، وكل من أعتمد وأستند في علوم التفسير والاحكام والمعارف الاسلامية على غيرهم فأنه ضال ومنحرف.
__________________
(١) الخصائص الفاطمية ، نقلاً عن مستدرك السفينة : ج ٣ ، ص ٣٣٥ ، وج ٨ ص ٣٣٩.
(٢) أنّ شيعتهم كانوا أبراراً ، لأنّهم تولوا بهم وتبرؤا من أعدائهم ، وأحبّوا أئمتهم وأطاعوهم في طريقتهم وردّوا الأمر إليهم وسلّموا لهم فيما علموا وما لم يعلموا ، فبذلك كانوا أبراراً لأنّهم من أصل هدايتهم في الحقيقة.
(٣) ولقد ورد عن رضي الدين ابن طاووس رحمه الله انه قال : سمعت القائم عليهالسلام بسر من رآى يدعوا من وراء الحائط وأنا أسمعه ولا أراه وهو يقول : «اللهمّ إنّ شيعتنا خُلقوا منّا من فاضل طينتنا وعجنوا بماء ولايتنا ، اللهمّ إغفر لهم الذّنوب ما فعلوا إتكالاً على حبّنا وولّنا يوم القيامة اُمورهم ولا تؤاخذهم بما اقترفوه من السّيئات إكراماً لنا ولا تقاصصهم يوم القيامة مقابل أعدائنا وإن خفّت موازينهم فثقّلها بفاضلٍ حسناتنا».
(٤) وردت روايات كثيرة في باب الطينة والميثاق اُنظر بحار الانوار : للعلّامة المجلسي رحمه الله ، ج ٥ ، ص ٢٢٥ الى ص ٢٧٦ ، ومشكاة الانوار : ص ٨٤ ، المحاسن : للشيخ البرقي رحمه الله ، ج ١ ، ص ١٣٢ الى ص ١٤١.