مودعة فيها ووفقاً لعدالة مقضية لها ، فإذا زاد على ذلك الموجود أو نقص منه شيئاً اختل نظام وجوده ، أذاً إن الله عزّ وجلّ يستوجب التّوحيد والتّمجيد لأن أفعاله جاءت وفقاً لحكمته ، ومظاهر قدرته مطابقة لشؤون المصلحة.
(وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمّدَاً صلىاللهعليهوآلهوسلم عَبْدُهُ)
ونشهد أنّ محمّد بن عبد الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عبده الذي أدى حق العبودية بالحق ، أو قام بواجبات العبودية الى الحدّ الذي تتحمله القدرة البشرية ، والاضافة هنا اختصاصية وتشريفية من جهة وصوله صلىاللهعليهوآلهوسلم الى حقيقة العبودية.
وتوضيح هذا المقام يتم بذكر هذا المقال : قال العالم الكبير المحقق القدير الشيخ الخواجة نصير الدين الطوسي رحمه الله في كتابه الشريف «الاخلاق الناصري» : «أن الحكماء قالوا أنّ العبادات ثلاثة أقسام :
الاوّل : العبادات الواجبة على الابدان كالصّلاة والصّوم والسّعي بين الصّفا والمروى وأمثال ذلك.
الثّاني : العبادات الواجبة على النفوس كالاعتقادات الصّحيحة كالتّوحيد وما يستحقه الله عزّ وجلّ من الثّناء والتّمجيد والتّفكر في مخلوقات الله تعالى ونعمه والرّفعة في الحكم في خلقه ثمّ التّوسع في هذه المعارف الالهية.
الثّالث : الواجبات على الانسان من حيث أنّه اجتماعي والمشاركة مع الناس في بناء الحضارة من المعاملات والمزارعة والنّكاع وأداء الامانة والنّصيحة وخدمة الآخرين وطلب الخير لهم والمعاونة على البرّ والتّقوى وجهاد الأعداء والدّفاع عن حريم الدّين وصلة الرّحم وأمثال ذلك من الواجبات (١).
__________________
(١) الاخلاق النّاصري : للشّيخ نصير الدين الطّوسي رحمه الله ، ص ٢٧٣.