قال ذو النون : [سمعت شقران يقول](١) «إنّ لله عبادا خرجوا إليه بإخلاصهم ، وشمّروا إليه بطيب أسرارهم (٢) ، فأقاموا على صفاء المعاملة فى محاريب الكدّ ، فساروا فى ميادين أنوار ملكوته (٣) ، وبادروا لاستماع كلامه بحضور أفهامهم ، فعند ذلك نظر إليهم بعين الملاحظة ، وشاهد منهم نهدات الأسف ، وفى ضمائرهم حرارات الشّغف ، فعندها أسرج لهم نجائب المواهب ، وحفّت بهم منه العطايا والتّأييد ، وأذاقهم كأس الوداد ، فطلعت فى قلوبهم كواكب مراكب (٤) القلق ، وجرت بهم فى بحار الاشتياق ، فوصلت إلى روح نسيم التّلاق ، فكيف إذا رأيت (٥) ثريّا الإيمان قد علقت فى قلوبهم ، وهلال التوحيد قد لاح بين أعينهم ، وبحار الوفاء قد تدفّقت فى قلوبهم ، وأنهار ماء الحياة (٦) قد تصادمت إلى جوارحهم ، فتنسّموا روائح الدّنوّ من قربه ، وهبّت رياح اللقاء من تحت عرشه ، فوفدت (٧) هواتف الملكوت بألسنة القدرة إلى أسماعهم وأفهامهم ، وشيّعها روح نسيم المصافاة إلى أذهانهم ، وأوقدت فى أسرارهم (٨) مصابيح الأفكار ، واشتعلت ضمائرهم (٩) ، وزّفت إلى قلوبهم أزواج القلق ، وزجّ بها الشوق فى مفاصلهم ، فتطايرت أرواحهم [إلى روح](١٠) عظيم الذخائر ، ثم نادت : لا براح وذلك أنها لمّا وصلت إلى
__________________
(١) ما بين المعقوفتين عن «ص» ، والكواكب السيارة ص ٢٣٨ ، ولم يرد فى «م» ، سقط سهوا من الناسخ.
(٢) فى «ص» : «بطيب نظافة قلوبهم وأسرارهم». وفى الكواكب السيارة : «بطيب نظافة أسرارهم».
(٣) فى «م» : «ملكوت أنواره».
(٤) فى الكواكب السيارة : «مواكب».
(٥) فى «ص» : «فكيف لو رأيت».
(٦) فى «م» : «وأنوارها الحياة» تحريف من الناسخ.
(٧) فى الكواكب السيارة : «فوافت».
(٨) فى «ص» : «أسرار».
(٩) فى الكواكب السيارة : «فاشعلت ضمائرهم بالأذكار».
(١٠) ما بين المعقوفتين عن «ص». والكواكب السيارة.