فأدار (١) وجهه للقبلة ودعا ، ثم قال : سلطان السماء يكفيك سلطان الأرض! فعدت إليه فى اليوم الثانى فقلت : يا سيدى ، قد اشتد الأمر والطلب علىّ. فقال لى مثل القول الأول. فرجعت وقد كفانى شر شيركوه ، وكان منه ما كان.
وحكى عنه أنه كان مسافرا إلى مكة فى مركب ، فوقع منه ذهب فى المركب ، فلقيه رجل بدوىّ ، فرأى فى المنام قائلا يقول له : ردّ الذّهب إلى صاحبه الدّرعيّ. فاستيقظ وقال : لا أدفع له شيئا. ثم نام ، فرأى أيضا فى المنام القائل وبيده حربة من حديد وهو يقول : ادفع للدّرعّى ذهبه وإلّا قتلتك! فقال : أين أجده؟ قال : هو معك فى المركب. فلمّا أفاق سأل عنه وردّ عليه المال (٢).
قبر الذهبى ـ رحمه الله (٣) :
ثم تخرج من التربة على يسارك (٤) تجد قبر الذهبى رحمه الله ، يكنى أبا حفص ، ويسمى عمر ، ويشتهر بالمقدسى ، كان رحمه الله من طلبة الطّرطوشى (٥) ، وكان متعصبا لمذهب الأشعرى ، وكان كثير الضحك ، حضر
__________________
(١) فى «م» : «فدار».
(٢) إلى هنا ينتهى الساقط من «ص» .. وسيأتى بعد ذلك فى هذا الموضع فى «ص» ما كتب عن الشيخ أبى الربيع سليمان ، والذي أشرنا إليه فى ص ٣٤١ ـ الهامش (رقم ٤) وقد أثبتناه فى موضعه المشار إليه.
(٣) العنوان من عندنا. وهو الإمام العالم أبي حفص عمر الذهبى ، كان إماما بمسجد الهيثم والجامع العتيق بمصر ، وكان فقيها محدّثا عالما من أكابر فضلاء [انظر الكواكب السيارة ص ١٤٩ و ١٥٠].
(٤) فى «ص» : «من التربة إلى الشرق على يسارك».
(٥) هو أبو بكر محمد بن الوليد بن محمد بن خلف القرشى الفهرى الأندلسى ، ويقال له : ابن رندقة ، أديب ، من فقهاء المالكية الحفاظ ، من أهل «طرطوشه» ولد سنة ٥٤١ ه. تفقه ببلاده ورحل إلى المشرق سنة ٤٧٦ ه ، فحج وزار العراق ومصر وفلسطين ولبنان ، وأقام مدة بالشام ، وسكن الإسكندرية وبها توفى سنة ٥٢٠ ه. وكان زاهدا لم يتشبث من الدنيا بشىء ، من كتبه : سراج الملوك ، والتعليقة فى الخلافيات ، وكتاب كبير عارض به إحياء علوم الدين للغزالى.
[انظر ترجمته فى الأعلام ج ٧ ص ١٣٣ و ١٣٤ ، ووفيات الأعيان ج ٤ ص ٢٦٢ ـ ٢٦٥ ، وبغية الملتمس للضّبّى ج ١ ص ١٧٥ ـ ١٧٩ ترجمة رقم ٢٩٦ ، والنجوم الزاهرة ج ٥ ص ٢٣١