صحة قبر الصّحابىّ سارية (١) :
وبجانبه (٢) قبر يقال له قبر سارية بن زنيم ، الصحابىّ الذي ناداه عمر ابن الخطّاب يوم الجمعة وهو يخطب : «يا سارية ، الجبل» ، وفى هذا الخبر أقوال.
ولم يكن حين نودى بديار مصر ، بل كان فى أرض «نهاوند» فى بلاد العجم ، وقصته : أنّ عمر بن الخطّاب ، رضى الله عنه ، بينما هو يخطب يوم الجمعة إذ قطع الخطبة ونادى : «يا سارية ، الجبل ، يا سارية ، الجبل ـ ثلاثا ـ ثم عاد إلى خطبته ، فقال الناس : إن عمر جنّ ، إنّه لمجنون (٣). فسمع ذلك عبد الرحمن بن عوف الزّهرىّ ، رضى الله عنه ، وكان ممّن يردّ عنه ، فجاء إليه بعد أن فرغ من الصلاة وقال له : هل تحب أن تجعل لهم عليك كلاما؟
__________________
(١) العنوان من عندنا. وهو سارية بن زنيم بن عبد الله بن جابر الكنانى الدئلى ، صحابىّ ، من الشعراء ، والقادة الفاتحين ، كان فى الجاهلية لصّا كثير الغارات ، يسبق الفرس عدوا على رجليه ، ولما ظهر الإسلام أسلم وجعله عمر أميرا على جيش وسيّره إلى بلاد فارس سنة ٢٣ ه ففتح بلادا ، منها أصبهان فى رواية. وتوفى سنة ٣٠ ه. وهذه التربة المعروفة بسارية فى مصر فيها اختلاف ، فلم يثبت أنه مدفون بمصر ، والله أعلم.
[انظر الأعلام ج ٣ ص ٦٩ و ٧٠ ، وأسد الغابة ج ٢ ص ٣٠٦ ، والكواكب السيارة ص ٣٠٧ وغيرها من الصفحات].
(٢) أى بجانب قبر صالح المبتلى ، وقيل معه فى التربة نفسها. [انظر الكواكب السيارة ص ٣٠٧].
(٣) فى أسد الغابة : «فالتفت الناس بعضهم إلى بعض ، فقال علّى : ليخرجنّ ممّا قال. فلما فرغ من صلاته قال له علىّ : ما شىء سنح لك فى خطبتك؟ قال : وما هو؟ قال : قولك : يا سارية ، الجبل الجبل ، من استرعى الذئب ظلم. قال : وهل كان ذلك منى؟ قال : نعم. قال : وقع فى خلدى أن المشركين هزموا إخواننا فركبوا أكتافهم ، وأنهم يمرون بجبل ، فإن عدلوا إليه قاتلوا من وجدوا ، وقد ظفروا ، وإن جاوزوا هلكوا ، فخرج منى ما تزعم أنك سمعته .. قال ـ راوى الحديث عبد الله بن عمر عن أبيه ـ فجاء البشير بالفتح بعد شهر ، فذكر أنه سمع فى ذلك اليوم ، فى تلك الساعة ـ حين جاوزوا الجبل ـ صوتا يشبه صوت عمر : يا سارية ، الجبل الجبل ، قال : فعدلنا إليه ، ففتح الله علينا» وهذه الرواية مشهورة.
[انظر أسد الغاية ج ٢ ص ٣٠٦].