ذكرت له ما ينفق ، فقال لى : أنفقت فى عشر حجج ألفى ألف دينار ومائتى ألف دينار.
وكانت الوفود ترد إليه ، وتسير معه ، ويتلقونه ، وكان يبرز إلى البرز (١) إذا بقى من شوال ثلاثة أيام ، فإذا استهلّ ذو القعدة (٢) رفع وسار ، ثم يسير إلى مكة ويقيم إلى هلال المحرم ، ثم يسير إلى المدينة ، فيقيم عند النبي ، صلّى الله عليه وسلم ، حتى يصلى جمعتين ، وكان أبو منصور «تكين» أمير مصر يشيعه إذا خرج ، ويتلقاه إذا قدم. وكان يجمع إليه جميع ما معه يفرقه هناك من الدراهم والدنانير ، والثياب ، والحلوى ، والطّيب ، والحبوب ، والأطعمة ، ولا يترك شيئا حتى يحمله من القمح والشعير ، ولا ينصرف من الحجاز إلّا وجميع من فيه أغنياء.
وروى ابن زولاق قال : قيل لأبى بكر الماذرائى : يا سيدى ، ما بات أحد فى هذه الليلة بمكة والمدينة وأعمالهما إلّا وهو شبعان من طعامك. فبكى وخرّ ساجدا لله سبحانه وتعالى.
وروى عبد الله بن أحمد بن طباطبا ، قال : رأيت فيما يرى [النائم](٣) أنّ «تكين] أمير مصر يموت فى يوم كذا وكذا ، وأنّ أبا بكر (٤) الماذرائى لا يصيبه شىء ، فلما فقدته (٥) فى جنازة «تكين» وحضر الناس ، ركبت إليه ، وأشرت عليه (٦) بالحضور ، فامتنع وقال : أخاف على نفسى ، فأخبرته بالرؤيا ، فركب وحضر مع الناس (٧) ، وكبّر تكبيرتين ولم يتم الصلاة ، فلما
__________________
(١) أى : يتهيأ للخروج إلى الصحراء.
(٢) فى «م» : «ذى القعدة» واستهل : أهلّ.
(٣) ما بين المعقوفتين عن «ص».
(٤) فى «م» : «أبى بكر».
(٥) فقدته : لم أجده.
(٦) فى «م» : «إليه».
(٧) فى «م» : «وحضر الناس معهم».