بلغت (١)؟ فقلت : لا. فقال لى : قد بلغت ، ولكن تثبّت. فلما حصلت رجلى على الأرض انتبهت كالمصروع ، لا أعقل ، فجاءونى بالمعزّمين (٢) ، وعلّقوا التعاويذ ، فأقمت نحوا من شهر (٣) وأنا على تلك الحالة ، ثم أنّى أفقت وفتحت عينّى ، فاستبشر أهلى ، وسألونى عن خبرى ، فحدّثتهم بحديثى (٤) ، فبلغ الحديث أبا عبد الله الزّبيرى (٥) ، فجاء وسألنى عن ذلك ، فأخبرته بحديثى ، فبكى وقال : ليت عينى كانت معك ، لقد شاهدت يا عبد الله (٦) مشهدا عظيما ، وليكوننّ لك نبأ.
قال أبو محمد المذكور (٧) : حدّثنى عبد الله بن يحيى بن طاهر العلوى قال : غرّنى قوم فى أول ما دخلت مصر حتى تقبّلت من أبى بكر محمد بن الماذرائى (٨) ضيعة بألف دينار ، فلم يحصل لى من غلتها سوى
__________________
(١) أى : بلغت الأرض .. وفى «ص» بعد ذلك : «فقلت : لا ، إلى أن بلغ إبهام رجلى الأرض ، فقال لى : بلغت ..».
(٢) المعزمين : الذين يقرءون العزائم ويرقون المريض بالتعاويذ والرّقى. وفى الكواكب السيارة «فجاءوا لى بالمعبّرين» أى الذين يفسرون الرّوّى ، والأول هو الأوجه والمناسب للسياق والمقام.
(٣) فى «م» : «فما قمت نحو من شهر» تحريف من الناسخ.
(٤) هكذا فى «م» .. وفى «ص» : «فحدثتهم بعد أيام ..».
(٥) فى الكواكب السيارة : «الزيدى».
(٦) فى «م» و «ص» : «يا أبا عبد الله» وقد تقدم أن اسمه عبد الله بن أحمد.
(٧) أى : ابن زولاق الحسن بن إبراهيم (المؤرخ).
(٨) فى «ص» : «الماردانى» .. وفى «م» : «المادرانى» فى كل المواضع ، وكلاهما مصحّف من «الماذرائى» بفتح الذال ، منسوب إلى «ماذرايا» من قرى البصرة ، وقيل : منسوب إلى «ماذرا» أحد أجداده. وهو محمد بن على بن أحمد ، أبو بكر الماذرائى ، وزير من الكتّاب ، ولد بنصيبين سنة ٢٥٨ ه ، ودخل مصر سنة ٢٧٢ ه ، وخلف أباه فى ولاية النظر فى أمور خمارويه بن أحمد بن طولون بعد مقتل والده سنة ٢٨٠ ه ، فاستوزره هارون بن خمارويه إلى أن زالت دولة بنى طولون ، فحمل مع رجالهم إلى العراق ، فأقام ببغداد مدة ، وعاد إلى مصر مع عساكر العراق ، وولى خراجها ، وملك من الضياع ما لم يملكه أحد قبله ، قال ابن سعيد (فى المغرب» : «ناهض السلاطين والعظماء وضرب وجوههم بالسيوف ، وهو عامل خراج ...».