وعن ابن نباتة (١) : أنه رئى فى النوم ، فقيل له : ما فعل الله بك؟ قال : أوقفنى بين يديه الكريمتين فقال : أنت الذي تخلص كلامك (٢) ليقال ما أفصحه؟! قلت : سبحانك ، إنى كنت أصفك .. فقال لى : قل كما كنت تقول فى دار الدنيا .. قال : قلت : أبادهم الذي خلقهم ، وأسكتهم الذي أنطقهم ، وفرّقهم الذي جمعهم ، وسيعيدهم كما خلقهم ، ويجمعهم كما فرّقهم .. قال لى : اذهب فقد غفرت لك.
وعن منصور بن عمّار (٣) ، رضى الله عنه : أنه رئى فى النوم ، فقيل له : ما فعل الله بك؟ فقال : أوقفنى بين يديه الكريمتين وقال : بم جئتنى يا منصور؟ قال : بستّ (٤) وثلاثين حجّة .. قال : ما قبلت منها حجّة واحدة .. فبم جئتنى يا منصور؟ قال : بثلاثمائة وستين ختمة .. قال : ما قبلت منها واحدة ... فبما ذا جئتنى يا منصور؟ قلت : بصيام ستين سنة .. قال : ما قبلت منها واحدة .. فبما ذا جئتنى يا منصور! فقلت : جئتكك بفضلك ـ أو قال : جئتك بك ـ فقال : الآن جئتنى بشىء .. اذهب فقد غفرت لك.
__________________
(١) هو عبد الرحيم بن محمد بن إسماعيل الخطيب ، ابن نباته الفارقى ، أبو يحيى ، صاحب الخطب المنبرية ، ولد فى «ميافارقين» بديار بكر سنة ٣٣٥ ه ، ونسبته إليها ، وسكن حلب ، فكان خطيبها ، وأجمعوا على أنّ خطبه لم يعمل مثلها فى موضوعها .. وكان تقيّا صالحا. وكانت وفاته بحلب سنة ٣٧٤ ه.
[انظر الأعلام ج ٣ ص ٣٤٧ و ٣٤٨ ، ووفيات الأعيان ج ٣ ص ١٥٦ ـ ١٥٨ ، والعبر للذهبى ج ٢ ص ١٤٣ ، وشذرات الذهب ج ٣ ص ٨٣ و ٨٤].
(٢) أى تجعله خالصا من الشوائب ومن الحشو.
(٣) هو منصور بن عمّار بن كثير ، أبو السرىّ السلمىّ الواعظ ، من أهل مرو ، أقام بالبصرة ، وسكن بغداد وحدّث بها ، وإليه كان المنتهى فى بلاغة الوعظ وترقيق القلوب وتحريك الهمم ، وعظ ببغداد ، والشام ، ومصر ، وبعد صيته ، واشتهر اسمه ، وتوفى ببغداد سنة ٢٢٥ ه ، وقبره بباب حرب معروف.
[انظر تاريخ بغداد ج ١٣ ص ٧١ ـ ٧٩ ، والرسالة القشيرية ج ١ ص ١١٢ و ١١٣ ، وطبقات الشعرانى ج ١ ص ٨٣ و ٨٤ ، وطبقات الصوفية ص ١٣٠ ـ ١٣٦ ، وميزان الاعتدال ج ٤ ص ١٨٧ و ١٨٨ ، وحلية الأولياء ج ٩ ص ٣٢٥ ـ ٣٣١].
(٤) فى «م» : «بستة» خطأ.