يماطل ويخاتل حين أرسل ذلك التنوخي برسالته إلى النبي «صلى الله عليه وآله» ، لأنها قد دلت على أنه قد كذب فيما قاله لدحية من أنه متبع للنبي «صلى الله عليه وآله» ، ولكن لا يريد أن يدع ملكه ، وقد تمت الحجة عليه بما عرفه من كتبهم التي أخبرتهم عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وبما بلغه عنه «صلى الله عليه وآله» من معجزات وكرامات وحالات ، ثم بما عاينه من صنع الله لنبيه «صلى الله عليه وآله» في غزوة تبوك .. ثم بما عاينه مبعوثه ، وأخبره به ، حيث وجد ذلك المبعوث صحة كل ما أوصاه باستكناهه ، وكشف حقيقته ، بدءا من :
١ ـ ذكره «صلى الله عليه وآله» لصحيفته ، وإخباره بما يجري على كسرى ، والنجاشي ، وبما يؤول إليه أمر قيصر .. وصولا إلى :
٢ ـ إجابته «صلى الله عليه وآله» على سؤاله عن مكان النار والجنة ، وانتهاء ب :
٣ ـ مشاهدة مبعوثه خاتم النبوة ، بعد أن ذكّره النبي «صلى الله عليه وآله» به ، إذ قد يظهر أنه كان قد نسيه ..
وقد صرح النبي «صلى الله عليه وآله» : بأن قيصرا يكذب فيما يدعيه ، فقد قال حين أخبره دحية بما قاله له : «كذب».
ولما قرأ كتابه أيضا قال : «كذب» «عدو الله» «وليس بمسلم» «بل هو على نصرانيته» ..
ورغم ذلك كله ، تجد أن المؤرخين يوردون قضية هرقل في سياق يظهر نفس ما كان يريد هرقل أن يخدع به رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وتصوير أنه مغلوب على أمره ، وأنه .. وأنه .. فهل هذا غباء؟!. أم أنهم ممن