ويقال له «النجاشي» أيضا ، لأن هذه الكلمة هي لقب ملك تلك البلاد كما يقال : كسرى وقيصر لملكي الروم والفرس ..
مؤتة هي القوة الرادعة :
ونعتقد : أن ما جرى في مؤتة على يد القادة الثلاثة الذين استشهدوا كان له أكبر الأثر في قرارات هرقل ، وكل بطارقته وأعوانه ، فقد رأيناه مذبذبا يسعى إلى التملص ، والتخلص من المواجهة ، فيزعم للنبي «صلى الله عليه وآله» في بادئ الأمر أنه على دينه ، ويرسل إليه هدية ..
ثم يرسل له رسالة أخرى ، يحاول فيها أن يطرح بعض الأسئلة ، ربما بهدف تسويف الوقت ، وعدم إفساح المجال لإلزامه بشيء ..
ولكن ما لا بد من الوقوف عنده مليا هو : أن قيصر كان لا يزال يعيش نشوة النصر على كسرى قبل نحو سنتين ، ويرى نفسه أنه يملك نصف الدنيا ، وكانت حتى بلاد الشام ، وفلسطين والأردن ، وسواها من بلاد العرب خاضعة لسلطانه ، وتدين بالولاء له.
وكان يستطيع أن يزحف بمئات الألوف من الجيوش المجهزة بأفضل الأسلحة ، ليواجه بها عربيا يعيش في صحراء الحجاز ، لا يملك من المال ما يهيء به نعالا لجيشه الذي يريد أن يخترق به تلك الصحراء الشاسعة ليتقي بها ذلك الجيش حر الرمضاء ، فيضطر الكثيرون منه إلى قطع تلك المسافات مشاة وحفاة.
إن هرقل هذا لا يجرؤ على التفوه بكلمة «لا» أمام دعوة رسول الله «صلى الله عليه وآله» له ، رغم أنه يدعوه وقومه إلى إعطاء الجزية عن يد