فقال عمر : يا رسول الله لا تفعل ، فإن يك في الناس فضل من الظهر يكن خيرا ، فالظهر اليوم رقاق. ولكن يا رسول الله ادع بفضل أزوادهم ، ثم اجمعها ، وادع الله تعالى فيها بالبركة ، لعل الله تعالى أن يجعل فيها البركة.
كما فعلت في منصرفنا من الحديبية حين أرملنا ، فإن الله تعالى مستجيب لك.
فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله» : «نعم».
فدعا بنطع فبسط ونادى منادي رسول الله «صلى الله عليه وآله» : من كان عنده فضل من زاد فليأت به.
فجعل الرجل يأتي بكف ذرة ، ويجيء الآخر بكف تمر ، ويجيء الآخر بكسرة. فيوضع كل صنف من ذلك على حدة ، وكل ذلك قليل ، وكان جميع ما جاؤوا به من السويق والدقيق والتمر ثلاثة أفراق حزرا ـ والفرق ثلثة آصع (١).
قال : فجزأنا ما جاؤوا به فوجدوه سبعة وعشرين صاعا. ثم قام رسول الله «صلى الله عليه وآله» فتوضأ وصلى ركعتين ، ثم دعا الله تعالى أن يبارك فيه ، ثم قال : «أيها الناس ، خذوا ولا تنتهبوا».
فأخذوه في الجرب والغرائر ، حتى جعل الرجل يعقد قميصه فيأخذ فيه.
قال أبو هريرة : وما تركوا في العسكر وعاء إلا ملأوه ، وأكلوا حتى شبعوا ، وفضلت فضلة.
قال بعض من الصحابة : لقد طرحت كسرة يومئذ من خبز ، وقبضة
__________________
(١) كذا في المصدر وهو جمع صاع كما في مجمع البحرين.