ونقول :
١ ـ لم تذكر الرواية لنا تاريخ هذا الوفد على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ..
٢ ـ قد تضمنت هذه الرواية إقرار العنسي أمام النبي «صلىاللهعليهوآله» بأنه لم يسلم رهبا ولا رغبا .. وإنما أسلم حين ظهر له أن ثمة ما يدعو إلى الخوف من الآخرة ، فحكم عليه عقله بلزوم اتخاذ سبيل الإحتياط والحذر ، فأطاع عقله ، ولم يتأثر بما يمليه عليه هواه من تقليد الأباء ، والتزام ما ألفه واعتاده ، لأن الآباء قد يخطئون ، والإلف قد يكون لما فيه شر وفساد ، والعادة لا تدل على الحق ..
٣ ـ إن إيمانه بالله لم يكن إيمانا بشيء كان مترددا فيه ، بل كان إيمانا بشيء اقتنع به ، وانتقل من قناعاته تلك إلى تحصيل قناعات أخرى ، مثل أنه لم يخلقه عبثا ، وأنه لا بد أن يكلفه بما يحقق الهدف من خلقته ، وأن لا يرضى بمخالفة أوامره ، وإهمال تكاليفه. وأنه لا بد من مثوبة وعقوبة ، وسوف ينظر إلى نفسه ليريها موقعها من أوامره وزواجره وما ينتظرها من عقوبة ومثوبة .. فرأى أنه لا يستطيع أن يطمئن إلى مصيره ، فإن ثمة أمورا جعلته يخاف معها على نفسه .. ولذلك رأى نفسه مضطرا إلى الإيمان بما اقتنع به فكريا فآمن بالله ، وشهد للنبي يالعبودية والرسالة ، وواصل سيره باتجاه الحصول على ما يوجب له السلام والأمان في الدنيا والآخرة.
__________________
ـ العلمية) ج ٢ ص ٣٨٧ ، وراجع : مجمع الزوائد ج ٩ ص ٣٩٤ ، والمعجم الكبير للطبراني ج ٥ ص ٦٦ ، وأسد الغابة ج ٢ ص ١٦٨.