فإنه «صلىاللهعليهوآله» يريد أن يبني مجتمعا متعاونا ، ومتراحما ، ليعيش الأخوّة في أعمق معانيها ، وهذا غير ممكن إلا باستلال الأحقاد من القلوب ، وتطهير النفوس ، والعقول من الوساوس والتزيينات الشيطانية ..
ولأجل ذلك : نجده «صلىاللهعليهوآله» يبادر إلى بلسمة الجرح من خلال التنويه بقيمة العوض الأسمى والأبقى الذي حصل عليه قوم فروة بن مسيك ، معتبرا أن الله قد زادهم في الإسلام خيرا مما أصيبوا به يوم الردم ، وقد كان سبب هذا العطاء هو نفس ما جرى عليهم في ذلك اليوم ..
والذي يبدو لنا هو : أن هؤلاء القوم قد تصرفوا بحكمة وأناة ، ولم ينساقوا وراء ردات الفعل ، فصبروا ، وكفوا أيديهم عن الأبرياء ، فاستحقوا أن يعوضهم الله عن ذلك بمزيد من الخير والفضل الذي حباهم به في الإسلام ..
وفد عامري ، وكلبي :
قال عبد عمرو بن جبلة بن وائل بن الجلاح الكلبي : شخصت أنا وعاصم ـ رجل من بني رقاش من بني عامر ـ حتى أتينا النبي «صلىاللهعليهوآله» ، فعرض علينا الإسلام ، فأسلمنا.
وقال : «أنا النبي الأميّ الصادق الزكي ، والويل كل الويل لمن كذبني وتولى عني وقاتلني ، والخير كل الخير لمن آواني ونصرني ، وآمن بي وصدق قولي ، وجاهد معي».
قالا : فنحن نؤمن بك ونصدق قولك ، وأنشأ عبد عمرو يقول :
أجبت رسول الله إذ جاء بالهدى |
|
وأصبحت بعد الجحد بالله أوجرا |