ذلك : ( وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (١).
وفي الجملة ، فإنّ الوظيفة الأوّلية هي البلاغ والدعوة إلى سبيل الله ، فإن كان هناك من تنفعه « الحكمة » فبها ، وإن كان من عموم الناس فبالنصيحة والموعظة الحسنة ، فإن وجد في القوم من يريد الوقوف أمامه أو التغلّب عليه وجب عليه جداله ..
ولعلّ المقصود ـ هنا ـ أهل الكتاب ، كما في الآية الأخرى : ( وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (٢).
وعلى ضوء ما تقدّم ، فإنّ الجدال قد يكون حقّا وقد يكون باطلا ، قال تعالى : ( وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ ) (٣).
وهناك في القرآن الكريم موارد من تعليم الله سبحانه النبيّ الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم طريقة الاستدلال ، ففي سورة يس مثلا : ( وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ * أَ وَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ * إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) (٤).
وفي سورة البقرة : ( وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كانَ هُوداً أَوْ
__________________
(١) سورة النحل ١٦ : ١٢٥.
(٢) سورة العنكبوت ٢٩ : ٤٦.
(٣) سورة الكهف ١٨ : ٥٦.
(٤) سورة يس ٣٦ : ٧٨ ـ ٨٣.