ولذلك قال النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لسانُ القاضي بين جمرتين من نار
حتّى يقضي بين الناس فإمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النّار » .
كما لذلك أيضاً اشترط الإمام عليّ بن
أبي طالب عليهالسلام على القاضي
شُريح أن لا ينفذ قضاء حتّى يعرضه عليه ... قال الإمام الصادق عليهالسلام : « لمّا ولّى أمير المؤمنين عليهالسلام شريحاً القضاء اشترط عليه أن لا يُنفذ
القضاء حتّى يعرضهُ عليه » .
ومن هنا أكد الإمام عليّ عليهالسلام على الأشتر واليه على مصر ، في عهده
المعروف ، أن يختار من يريدهم لمنصب القضاء ، اختياراً دقيقاً بقوله : « ثمّ اختر
للحكم بين الناس أفضل رعيّتك في نفسك ممّن لا تضيق به الاُمور ، ولا تمحكه الخصوم
ولا يتمادى في الزّلّة ولا يحصر من الفيء إلى الحقّ إذا عرفه ، ولا تشرف نفسه على
طمع ، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه ، وأوقفهم في الشّبهات ، وآخذهم بالحجج وأقلّهم
تبرُّماً بمراجعة الخصم وأصبرهم على تكشّف الاُمور ، وأصرمهم عند اتّضاح الحكم ، ممّن
لا يزدهيه إطراء ، ولا يستميله إغراء ، واُولئك قليل ، ثمّ أكثر تعاهد قضائه ... »
.
ولخطورة مقام القضاء لا يجوز إلاّ
للنبيّ أو وصيّه ، كما قال الإمام عليّ عليهالسلام
لشريح : « يا شريح قد جلست مجلساً لا يجلسه ( ما جلسه ) إلاّ نبيّ أو وصيّ نبيّ ،
أو شقيّ » .
وورد عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام قوله : « اتّقوا الحُكومة ( أي القضاء
) إنّما هي للإمام العادل العالم بالقضاء العادل في المسلمين لنبيٍّ ( كنبيّ ) أو وصيّ
نبيّ » .
* * *
٢. إستقلال القاضي الماليّ والسياسيّ
إنّ القاضي بما أنّه يتحمّل مسؤوليّة
كبيرة وخطيرة لا مشابه لها بين أقرانها من
__________________