والذي يرشدك إلى كثرة الاحاديث الموضوعة الكاذبة ما يوجد في ترجمة شرذمة قليلة من أولئك الجمّ الغفير من الكذّابين ، من أنّه وضع عشرة آلاف حديث كما ذكروه في ترجمة أحمد بن عليّ الجويباريّ.
فقد قام الباحث المتقدم الذكر بعد ما أورد من الأرقام في ترجمة اولئك الكذابين بإحصاء عدد الأحاديث التي وضعوها أو قلبوها فبلغت ما يقارب النصف مليون حديثاً.
وهذه الأرقام راجعة إلى واحد وأربعين شخصاً (١).
وقد الفّت في تمييز الأحاديث الموضوعة من الأحاديث الصحيحة كتب نذكر منها ما ألّفه أبو الفرج عبد الرحمان بن عليّ المعروف بابن الجوزيّ البغداديّ المتوفّى ( ٥٩٧ ه ) الذي ذكر كلّ حديث موضوع.
وقد تنبّأ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بما سيصيب سنتّه الشريفة ويصيب المسلمين فيما بعد على أيدي الكذّابين ، ووضّاعي الحديث وأعداء الإسلام ، وأخبر عن وجود من يقف في وجه هذا الخطر العظيم إذ قال : « يحمل هذا الدين في كل قرن عدول ينفون عنه تأويل المبطلين وتحريف الغالين ، وانتحال الجاهلين ، كما ينفي الكير خبث الحديد » (٢).
وروي عن الإمام الصادق عليهالسلام قوله : « إنّ فينا أهل البيت في كلِّ خلف عدولاً ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين » (٣).
أليس كلّ هذا يستوجب ، أن يربّي النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم بعده من يتمتّع بالعصمة الكافية والعلم الواسع ليحفظ الدين من محاولات التحريف ، ويصون الشريعة من أي خيانة ودسّ ؟
__________________
(١) راجع الغدير ٥ : ٢٤٧ ـ ٢٤٩ تحت عنوان ( قائمة الموضوعات والمقلوبات ).
(٢) رجال الكشّيّ : ٥.
(٣) الكافي ١ : ٢٥.