فقال : أسمع به.
قال : ألك قلب ؟
فقال : نعم.
قال : فما تصنع به ؟
فقال : اميّز به كلّما ورد على هذه الجوارح والحواس.
قال : أو ليس في هذه الجوارح غنىً عن القلب ؟
فقال : لا.
قال : وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة ؟
فقال : يا بنيّ إنّ الجوارح إذا شكّت في شيء شمّته أو رأته ، أو ذاقته ، أو سمعته ، ردته إلى القلب فيستيقن اليقين ويبطل الشكّ.
قال هشام : فإنّما أقام الله القلب لشكّ الجوارح [ أي لضبطها ] ؟
قال : نعم.
قال : لا بدّ من القلب وإلاّ لم تستيقن الجوارح ؟
قال : نعم.
قال : يا أبا مروان ، فالله تبارك وتعالى لم يترك جوارحك حتّى جعل لها ( إماماً ) يصحّح لها الصحيح ويتيّقن به ما شكّ فيه ، ويترك هذا الخلق كلهم في حيرتهم وشكّهم واختلافهم لايقيم لهم ( إماماً )يردون إليه شكّهم وحيرتهم ويقيم لك ( إماماً ) لجوارحك تردّ إليه حيرتك وشكّك ؟!
قال هشام : فسكت ولم يقل لي شيئاً (١).
وغير خفي على القارئ النابه ، أنّ لزوم الحاجة إلى الإمام المعصوم ليس بمعنى تعطيل أثر الكتاب والسنّة وإنكار قدرتهما على حلّ الكثير من المشكلات والاختلافات ، بالنسبة إلى من يرجع إليهما بنيّة صادقة ، وتجرّد عن الآراء المسبقة.
__________________
(١) الكافي ١ : ١٧٠.