السلطان خذا بنده (٢٢٥) ومعه عساكر التتر وحاميتها فاتّفقوا على قتال السلطان أبي سعيد، وزحفوا إليه ، فلما التقى الجمعان هرب التتر إلى سلطانهم وأفردوا الجوبان ، فلما رأى ذلك نكص على عقبيه ، وفرّ إلى صحراء سجستان ، وأوغل فيها وأجمع على اللحاق بملك هراة غياث الدين(٢٢٦) مستجيرا به وتحصّنا بمدينته وكانت له عليه أياد سابقة ، فلم يوافقه والده حسن وطالش على ذلك ، وقالا له : إنّه لا يفي بالعهد ، وقد غدر فيروزشاه (٢٢٧) بعد أن لجأ اليه وقتله ، فأبى الجوبان إلّا أن يلحق به ففارقه ولداه وتوجه ومعه ابنه الأصغر جلوخان ، فخرج غياث الدين لاستقباله وترجّل له وأدخله المدينة على الأمان ثم غدره بعد أيّام ، وقتل ولده وبعث برأسيهما إلى السلطان أبي سعيد.
وأمّا (٢٢٨) حسن وطالش فانهما قصدا خوارزم وتوجّها إلى السلطان محمد أوزبك فاكرم مثواهما وانزلهما إلى أن صدر منهما ما أوجب قتلهما ، فقتلهما ، وكان للجوبان ولد رابع اسمه الدّمر طاش (٢٢٩) ، فهرب إلى ديار مصر فاكرمه الملك الناصر واعطاه الإسكندرية فأبى من قبولها ، وقال : إنما أريد العساكر لأقاتل أبا سعيد ، وكان متى بعث إليه الملك الناصر بكسوة أعطى هو للّذي يوصلها اليه أحسن منها ، إزراء على الملك الناصر ، وأظهر أمورا أوجبت قتله فقتله وبعث برأسه إلى أبي سعيد ، وقد ذكرنا قصّته وقصّة قراسنقور فيما تقدّم ، ولمّا قتل الجوبان جيء به وبولده ميّتين فوقف بهما على عرفات وحملا إلى المدينة ليدفنا
__________________
(٢٢٥) حسب حافظي أبرو فإن هؤلاء الأبناء الثلاثة هم للاميرة دولاندي وليسوا للاميرة ساطي بك.
(٢٢٦) غياث الدين كورت سلطان لهراة خلف والده فخر الدين كورت ٧٢٨ ١٣١٠ ـ ١٣٢٨ ـ ٢٩.
(٢٢٧) ورات نوروز (OIRAT Nawruz) ابن أرغون حاكم خراسان عيّن عام ٦٩٤ ـ ١٢٩٥ قائدا عاما من لدن غازان وساعد فخر الدين كورت الذي أمسى سلطانا على هراة ، بيد أن نوروز نفسه لما ذهبت حظوته عام ٦٩٦ ١٢٩٧ لجأ إلى هراة. لكن فخر الدين كان مضطرا لتسليمه إلى غازان ... ابن بطوطة هنا يخلط بين كرت الامير وبين ضحيته ، Gibb ,Travels II ,P ٩١٣.
(٢٢٨) يذكر حافظي أبرو معلومات تفصيلية عن القرار الذي اتخذه غياث الدين بتصفية الولد ووالده وأنه كاننتيجة لمداولات مجلس الشورى. ونذكّر في هذه المناسبة بما ورد في ترجمة القائد التتري إيرنجن خال القان أبي سعيد ، وأنه كان اتفق مع أبي سعيد على امساك جوبان وقتله ، وان جوبان تمكن من الهرب إلى حيث أبو سعيد الذي انكر كل اتصال له بالمؤامرة الأمر الذي أدّى بالقائد إيرنجن إلى مجابهة القان الذي وجدناه يجهز على إيرنجن على مرأى من مجلس شورى عقد حول الموضوع!! الدرر ١ ، ٤٥٩ ـ ٤٦٠.
(٢٢٩) سمّي تيمورطاش (Timurtash) (دمرطاش عند ابن بطوطة) سمي حاكما على أنطاكية عام ٧١٦ ١٣١٦ ولم يلبث أن أعلن نفسه مستقلا عام ٧٢١ ١٣٢١ ، وامتدت سلطاته حتى جنوب غرب انطاكية ... وقد سبقت الاشارة اليه.