الهبي (٢٠) ، وهم طائفة من تجار اليمن أكثرهم ساكنون بصعداء (٢١) ولهم فضل وكرم واطعام لابناء السبيل ، ويعينون الحجّاج ويركبونهم في مراكبهم ، ويزوّدونهم من أموالهم وقد عرفوا بذلك واشتهروا به ، وكثّر الله أموالهم وزادهم من فضله وأعانهم على فعل الخير.
وليس بالأرض من يماثلهم في ذلك إلّا الشيخ بدر الدين النقّاس الساكن ببلدة القحمة(٢٢)، فله مثل ذلك من الماثر والائثار.
وأقمنا بالسّرجة ليلة واحدة في ضيافة المذكورين ، ثمّ رحلنا إلى مرسى الحادث (٢٢) ولم ننزل به ، ثم إلى مرسى الأبواب (٢٤) ثم إلى مدينة زبيد ، (٢٥) مدينة عظيمة باليمن بينها وبين صنعاء أربعون فرسخا وليس باليمن بعد صنعاء أكبر منها ولا أغنى من أهلها ،
__________________
(٢٠) ترسمها مخطوطة (الخزانة الملكية) الهبي ، وهو ما يوجد في بعض مخطوطات باريز وهي التي اعتمدها گيب (Gibb) على تقدير أنها نسبة إلى الشريف عز الدين هبة بن الفضل العلوي الذي كان يسكن أولاده في السرجة (بالسين) ، وقد زكّى هذه النسبة زميلنا الشيخ محمد بن علي الأكوع محقق كتاب (المفيد في أخبار صنعاء وزبيد) لنجم الدين عمارة اليمني المتوفى سنة ٥٦٩ ه ١١٧٤ ـ الخزرجي : العقود اللؤلؤية في تاريخ الدول الرسولية ... ج i ص ٩٧ ـ ١٢٣ ـ ١٣٠.
(٢١) صعداء هكذا في بعض النسخ المخطوطة والصواب صعدة : وهي كما في معجم البلدان والقبائل اليمنية للمقحفي : مدينة تاريخية في الشمال من صنعاء بمسافة ٢٤٣ ك ، م. على ارتفاع ٢٢٦١ مترا عن سطح البحر ، كانت تسمى قديما باسم جماع ... المعجم ص ٣٩٠ ـ ٣٩١.
(٢٢) ليس القصد إلى (القحمة) الموجودة في عسير بن حلي وجيزان ، ولكنها الناحية التي تقع على بعد تسعة أميال شمال مدينة زبيد بين الفقيه والمنصورية ، وقد تردد ذكرها كثيرا في المصادر اليمنية ... الخزرجي : العقود اللؤلؤية ـ معجم البلدان والقبائل اليمنية للمقحفي ـ ص ٥١٦.
(٢٣) الحادث لم نجد صدى لهذا العلم الجغرافي ، في المصادر اليمنية التي نتوفر عليها ، ولهذا فإننا نشاطر گيب الرأي في تعذر تحديد الموقع ...
(٢٤) بعض النسخ ترسم (الأهواب) ولكن بعضها : نسخة الخزانة الملكية رقم ٨٤٨٨ ، ونسخة گايانگوس وبعض نسخ باريز ترسمها الأبواب وهو الصواب ، ونعتقد أنها الأبواب الستة التي ذكرها ابن المجاور عندما كان يتحدث عن نزول مركب من المغرب في ميناء عدن : باب الصناعة وباب السكة ... وهما بابان يخرج منهما السيل إذا نزل الغيث بعدن ، وباب الفرضة ، ومنه تدخل البضائع وتخرج ، وباب مشرف ... وباب حيق ... وباب البر ، بيد أن موقعها اليوم مجهول وربما كانت موجودة على مقربة من الميناء الحالي : (الفازة) القريبة من زبيد ... تاريخ المستبصر لابن المجاور ص ١٣٨.
(٢٥) زبيد ، (بفتح الزّاي المدينة ، وبضمها القبيلة) ترجع المدينة للعصر الوسيط ، أسسها محمد بن عبد الله ابن زياد الأموي بأمر سلطانه عبد الله المأمون بن هارون الرشيد عام ٢٠٤ ٨٢١ م وان أهم ميناء زبيد كان هو (غلافقة) على بعد ٢٥ ميلا شمال غرب المدينة ، وفي سنة ٨٢٢ أسس الملك الناصر أحمد الرسول ميناء الفازة فضعفت (غلافقة) ثم تعرضت للدّمار في القرن العاشر الهجري وتعتبر زبيد عاصمة للسهول اليمنية التي تحتضن أهل السنة وتقابل النجود العليا التي يستقر فيها الشيعة الزيدية. والتي تعتبر صنعاء عاصمة لها ـ معجم البلدان والقبائل اليمنية.
ابن الديبع : بغية المستفيد في تاريخ مدينة زبيد ، تحقيق عبد الله الحبشي ، مركز الدراسات اليمانية ، صنعاء ١٩٧٩ ـ قرة العيون بأخبار اليمن الميمون ، تحقيق : محمد بن علي الأكوع الحوالي ، ج ١ ، ص ٢٢ / ٢٣ ، تعليق ٢.