باسمه فيقال لهم الجلاليّة ، كما تعرف الأحمديّة (٥٤) بالعراق ، والحيدريّة (٥٥) بخراسان ، وعلى تربته زاوية عظيمة فيها الطعام للوارد والصادر (٥٦).
حكاية [الشيخ الشاعر]
يذكر أنّه كان في ابتداء امره فقيها مدرّسا يجتمع اليه الطلبة بمدرسته بقونية فدخل يوما إلى المدرسة رجل يبيع الحلواء وعلى رأسه طبق منها ، وهي مقطوعة قطعا ، يبيع القطعة منها بفلس ، فلمّا أتى مجلس التدريس ، قال له الشيخ : هات طبقك! فأخذ الحلوانيّ قطعة منه وأعطاها للشيخ فأخذها الشيخ بيده وأكلها ، فخرج الحلوانيّ ولم يطعم أحدا سوى الشيخ فخرج الشيخ في اتباعه ، وترك التدريس (٥٧) ، فأبطأ على الطلبة ، وطال انتظارهم ايّاه فخرجوا في طلبه ، فلم يعرفوا له مستقرّا.
ثمّ إنّه عاد إليهم بعد أعوام وتولّه وصار لا ينطق الّا بالشعر الفارسيّ المنغلق الذي لا يفهم، فكان الطلبة يتبعونه ويكتبون ما يصدر عنه من ذلك الشعر ، وألّفوا منه كتابا سمّوه المثنوي (٥٨) ، وأهل تلك البلاد يعظّمون ذلك الكتاب ويعتبرون كلامه ، ويعلّمونه ويقرءونه بزواياهم في ليالي الجمعات ، وفي هذه المدينة أيضا قبر الفقيه أحمد الذي يذكر أنّه كان معلّم جلال الدين المذكور.
ثمّ سافرنا إلى مدينة اللّارندة (٥٩) وهي بفتح الراء التي بعد الألف واللام واسكان النون وفتح الدال المهمل ، مدينة حسنة كثيرة المياه والبساتين.
__________________
(٥٤) هي بالذات الطريقة الرفاعية سالفة الذكر. ج I ، ٢٢٣ ـ ج II ، ص ٢٥.
(٥٥) انظرII ، ٦ ، ٧ وسيأتي ذكرها أيضا.
(٥٦) يحتوي المجمّع على ضريح (مولانا) وعلى الزاوية وهما إلى الآن شاخصتان في قونية.
(٥٧) يتعلق الأمر بشمسي تبريزي الذي نجد أن علاقته مع مولانا ترجع لتاريخ ٦٤٢ ١٢٤٤ ـ استمرت العلاقات خمسة عشر شهرا وبلغ الأمر إلى حد أن الطلبة وعائلة مولانا ـ وقد دخلهم الهم من تأثير تبريزي ـ قرروا قتله!!
(٥٨) المثنوي : وزن شعري يحتوي على أبيات من وزن واحد ، اثنان من مصارعها لهما قافية واحدة ، كتبت باللغة الفارسية ، اعتبرت من لدن تلامذته كأبيات تحتوي على المعاني الخفية للقرآن!
(٥٩) هي كرمان الحالية ، على بعد ١٠٠ ك. م جنوب شرق قونية ، هدمت من طرف إيلخان كيختو بعد سنة ٦٩٠ ١٢٩١ ، وبنيت من جديد حوالي ٧١١ ١٣١١ من لدن كرمان أوغلو الذي يعتبر أقوى أمراء آسيا الصغرى والذي جعل من كرمان محلّ إقامته. ومن اسمه أخذت المدينة اسمها ...